مساحة اعلانية

مجلة الكترونية دولية مستقلة تعنى بشؤون الفكر والثقافة والأدب والفنون ..

فَنُّ المَقَامَةُ - أ. نوال بنت سيف البلوشية


 فَنُّ المَقَامَةُ
المقامَة لغةً: لفظة تعدّدت الآراء في تعريفها على نحوٍ أكسب اللّفظة مدلولاتٍ كثيرة تطورت مع الزّمن. فقد ورد تعريفها بأنّها: الجماعة من النّاس، و المجلس، والخطبةُ أَو العِظَة أو نحوهما، كما ورد تعريف لفظة المَقَامَةُ  - بفتح الميم - لغةً :بأنّها القصّة القصيرة المسجوعة، الّتي تحتوي على عظة أو مُلحة، وقد كان الأدباء يظهرون فيها براعتَهم،  ويقال في توضيح معناها لغةً: مَقَامَةُ النَّاسِ؛ أي مَجْمَعُهُمْ، مَجْلِسُهُم. أمّا اصطلاحًا: ورد تعريفها في الأدب العربيّ بأنّها: الحديث في مجلسٍ ما.
يرى بعض الدّارسين أنّ البذرة الأولى في ظهورها - فنّ المقامة -، تمثلت في أحاديث ابن دريد الأربعين، الّتي وردت في شكل رسائل، تليها مقامات الهمذاني وعلى وجه الخصوص في ما يُعرف بأدب الكُدية، إذ كان يحتال بعض النّاس في تكوينها  كسبيلٍ للحصول على الرّزق، ثم جاء ابن شهيد الأندلسيّ متخذ المقامة الإبليسيّة أنموذجًا في كتابه ( التّوابع والزّوابع ).
حينما نرجع للمصادر الأدبيّة العربيّة في تتبع أصل هوّية المقامة، نجد فريقين أحدهم يدرج المقامة كفنّ تعليميّ وعظيّ لا علاقة له بفنّ القصة مثل الدّكتور شوقي ضيف، والفريق الآخر يُدرج فنّ المقامة ضمن فنّ القصة القصيرة؛ باعتبارها النّواه الأولى لفنّ الأقصوصة بالأدب العربيّ، مستندين برأيهم هذا على مقامات الهمذانيّ الّتي ظهرت في القرن الرابع الهجريّ، ومقامات الحريريّ في القرن السّادس الهجريّ، ومقامات الزّمخشريّ وابن الجوزيّ؛ إذ كانت مقاماتهم المصدر الأساسيّ للفنّ القصصيّ في ذلك الوقت. 
وإذا ما تطرقنا إلى تفاصيل فنّ المقامة، لوجدنا أنّها تتبع الأسلوب السّرديّ، بأسلوبٍ سطحيّ بسيط، وكان معظم الكتّاب المقامات يبدؤون السّرد في مقاماتهم إمّا بعبارة حدّثنا وإمّا بعبارة حدّث وإمّا بعبارة حكى، وإمّا بعبارة أخبر، إمّا بعبارة حدثني، وهي أداة سرديّة كانت تصطنعها شهرزاد في سرد حكايات ألف ليلة وليلة، وفي هذا المقام من الجدير أن نبين أجمل ما يميّز المقامة، الأدوات السّرديّة، والشّخصيات الأدبيّة المرحة – الطّمّاعة، المخادعة – مع سطحيّة الموضوعات وضحالتها، والتّأنق في لغتها؛ لمعالجة القضايا الاجتماعيّة والسّياسيّة للمجتمع الّذي كُتبّ فيه.
وأمّا الرّوّاد الّذين ظهروا في مجال فنّ المقامات سابقًا، يتقدمهم بديع الزّمان الهمذانيّ(357 هـ 398 هـ)، والحريريّ (446هـ 516هـ)، فقد كانوا من أبزر کُتّاب المقامات في العصر العباسيّ، إذ كانت مقاماتهم ذات موضوعات متنوّعة ومختلفة تحوي في طياتها الطّابع الأدبيّ أو الفقهيّ أو الفكاهيّ أو الحماسيّ أو المجونيّ ، وكانت المقامات في حينها تتفاوت في حجمها بين الطّويلة و القصيرة؛ وفق الموضوع المتناول بعيدًا عن التّصنيف في عرضها من حيث الموضوعات .
وقد كانت للمقامة العربيّة تأثيرٌ أدبي نثريّ، ليس فقط على مستوى الأدب العربيّ الحديث في فنّ القصّة والرّواية السّرديّة، وإنّما وصل التّأثير في أدب العالم؛ إذ أشار بعض النّقاد في مسألة تأثيرها في (الكوميديا الإلهيّة) لدانتي (Dante)، وفي قصص الشطّار الأسبانيّة الّتي تتحدث عن أحوال المجتمع وظروف الأغمار من النّاس، وقصص الطّماعين، مما أوحى به مضمون المقامة.
والّذي أكّد  أثر المقامة  في الأدب العالميّ ما قام به المهتمين  بالأدب الأندلسيّ من مقارنة بين المقامة والأدب السّرديّ في أوروبا.
الخاتمة
تعدّ فن المقامات:
1.       فن التّصنيع والتّأنق الّلفظيّ.
2.       مستودعاً للحِكَمِ والتّجاربِ.
3.       وثيقةً تاريخيةً تصوّر جزءاً من حياة عصره.
4.       ثروةً لغويةً معجميّة هائلة.
المراجع
1.       البطاح، عبد الله. (2016). تعريف فن المقامة. من موقع وادي العرب الجزائري، تاريخ الاسترجاع 19-10- 2016.
2.       حمزة، مريم، (2011). مقامات الهمذاني وسنة الراوي في المدونة السردية عند العرب، ندوة المتكلم في السرد العربي القديم - كلية الآداب والفنون والإنسانيات بجامعة منوبة – تونس، 197-224.
3.       خضر،حاكمي.(2014)، المقامات الصوفية في شعر لخضر بن خلوف. مجلة جيل الدراسات الأدبية والفكرية - مركز جيل البحث العلمي - الجزائر ع 2:43-59.
4.       الزمخشري، أبو القاسم محمود بن عمر بن محمد الخوارزميّ، (2016). مقامات الزمخشري ؛ تحقيق مركز التراث. تم استرجاعها من مكتبة جامعة السلطان الإلكترونيّة بتاريخ 23-10-2016.
5.       عطاب، كمال، (2010). البنيات الوصفية وآليات التصوير في المقامات. المؤتمر النقدي الثالث عشر لقسم اللغة العربية بكلية الآداب بجامعة جرش ( الرواية العربية : الواقع والآفاق ) – الأردن397-404 .
6.       معجم الوسيط الإلكترونيّ. من موقع الوراق تاريخ الاسترجاع 20-10-2016.
7.       معجم لسان العرب الإلكترونيّ. من موقع الوراق تاريخ الاسترجاع 20-10-2016.

ليست هناك تعليقات

يمكنك التعليق هنا

يتم التشغيل بواسطة Blogger.