مساحة اعلانية

مجلة الكترونية دولية مستقلة تعنى بشؤون الفكر والثقافة والأدب والفنون ..

ساعي البريد - شمس الدين الغانمي / تونس

 


أنا ساعي البريد ...
الذي لم تتنه قصيدته بعدُ
"ستنتهي الأحمال  يوما!"
انهكته طلاسم الأحرف..
فالعناوين أصبحت لا تؤدي إلى أبوابها!
والعناقيد لم تعد تُعصر كعادتها،
على أفواه  شُرّابها..
والزحافات تعددت في البيوت جميعا..
تُعِلُّ كُتّابَها...
-  " انا آخر السّعاةِ الذي...
رغمَ عِلَلِ التاريخ، اهدي النصوص صوابَها"...
يقولُ..
لحبيبته العطشى...
حين تؤازره،
حين تخفي دمعتها، بين طالعي رسالتيهما،
حين تعطِّر الأوراق وهي تتلّمس بقايا الزهر فيه ..
تقول :
- " لست الأخير..يا عشيري..
    ما زلت  رسولا آخر،
  يُطوِّع الثنايا
و يهدي الخطابات لسُمّاعِها!! "
- انا تعِبتُ من الأرضِ...يا حبيبتي..
تلك التي لم تتعب من جثتي..
و هي تُدوّرني..
 
عوّدتها نوابع الماء التي في دمي.
خذي... ايتها الأرض..
فمازل عندي...
قليلٌ
 من دمعي..
من شمعي..
و من عرقي..
 
الارضُ.. الان تُقلِّبني..
على عقَبٍ..
تنهرني ابتسامات جبالها في وجهي
"يا أيها الساعي..
مازال ببعض العصافير عطش جميل...
فأين رسائلهم...! ؟
انظر هناك...
أحصي عدد الأطفال
في الاعشاش..
تخيفني  الاسراب..
الي جسدي تتَّجِه..
احتمي ببعض الأضلع
 التي...
لم تكسرها سقطاتُ الشهوةِ
 والأمنيات الكثيرة التي..
كم تناسيْتها خلفي :
كنتُ،
تركت التين والزيتون
 لبعضِ من فيّ..
لبعض العابرين، الذين تهاجروني سرا او علانيةً...
تركت الخمر
 لراقصات عند باب الحلم :
تتحلقن حول معاصم الأمل العنيد!!
 
احصيهم،
فألقاني اناشِد السترَ من قلبي :
" يا أيها القلب،
 اترُكْ لك، بعضٌ من دمى،
كي أدومَ قليلا
وكي تواصلَ رقصاتك  في صدري...! "
يا أيها القلب،
الذي كلَّ،
 كلما حلّ.. للشعر وقتٌ..
فيصمُتُ
و كم  لا يُجيبُ :
" انا ساعي البريد..
الذي سلّمتُهم رسائلهم..
ولكنني
 لا أرى في بريد الواردات الى أناملي،
الا السرابُ :
فايُّ حمام قد خانني :
قدري؟
قلمي؟
ام فمي؟
بل..
- و أنا  البوسطاجِيُّ -
(و هذه تسميتي الآن ؛
فهذه الأرض جديدة،
تحبُّ التحليق كثيرا،
كي لا يهرب آخر أمثالي.. من  السُّعاةْ)،
انا..... البوسطاجِيُّ..
أُسائِلُ قلبي... وبعض أديم الأرضِ :
 
" ماذا... كتبتْ حبيتي؟
و..
أين رسائلي...!!! "
 

ليست هناك تعليقات

يمكنك التعليق هنا

يتم التشغيل بواسطة Blogger.