مساحة اعلانية

مجلة الكترونية دولية مستقلة تعنى بشؤون الفكر والثقافة والأدب والفنون ..

خطبة الرائد نجيب محفوظ أمام الأكاديمية السويدية عند فوزه بجائزة نوبل - نبيل حامد

 


خطبة الرائد نجيب محفوظ  أمام الأكاديمية السويدية عند فوزه بجائزة نوبل :
" - إليكم  بلغةٍ غير معروفة لدى الكثيرين منكم ولكنها هي الفائزُ الحقيقي بالجائزة فمن الواجب أن تسبحَ أنغامُها في واحتكم الحضارية لأول مرة ، وإني كبير الأمل ألّا تكون المرة الأخيرة وأن يسعد الأدباءُ من قومي بالجلوس بكل جدارة بين أدبائكم العالميين الذين نشروا أريج البهجة والحكمة في دنيانا المليئة بالشجن ..!
- سادتي .. أخبرني مندوب جريدة أجنبية في القاهرة بأنّ لحظة إعلان اسمي مقرونا بالجائزة ساد الصمتُ وتساءل الكثيرون عمّن أكون فاسمحوا لي أن أقدم لكم نفسي بالموضوعية التي تتيجها الطبيعةُ البشرية ..!
- سادتي : لعلكم تتساءلون عن هذا الرجل القادم من العالم الثالث وكيف وجدَ من فراغ البال ما أتاح له أن يكتب القصص ؟ وهو تساؤل في محله ..فأنا قادم من عالم ينوءُ تحت أثقال الديون حتى ليهدّده سدادُها بالمجاعة أو ما يُقاربها .. يهلك منه أقوام في آسيا من الفيضانات .. ويهلك آخرون في أفريقيا من المجاعة وهناك في جنوب أفريقيا ملايين المواطنين قُضي عليهم بالنّبذ والحرمان من أي حقوق الإنسان في عصر حقوق الإنسان وكأنهم غير معدودين من البشر ..!
وفي الضفة الغربية وغزة أقوام ضائعون رغم أنهم يعيشون فوق أرضهم وأرض آبائهم وأجدادهم وأجداد أجدادهم .. هبُّوا يطالبون بأول مطلب حقّقه الإنسانُ البدائي وهو أن يكون لهم موطن مناسب يعترف لهم به فكان جزاءُ هبّتهم الباسلة النبيلة رجالا ونساء وشبابا وأطفالا تكسيرا للعظام وقتلا بالرصاص وهدما للمنازل وتعذيبا في السجون والمعتقلات ومن حولهم مائة وخمسون مليونا من العرب يتابعون ما يحدث بغضب وأسى ممّا يهدد المنطقةَ بكارثة إنْ لم تتداركها حكمةُ الراغبين في السلام الشامل العادل ..
أجل كيف وجد الرجل القادمُ من العالم الثالث فراغ البال ليكتبَ قصصه .. ولكن من حسن الحظ أن الفن كريم عطوف .. وكما أنه يعايشُ السعداء فإنه لا يتخلّى عن التعساء .."

ليست هناك تعليقات

يمكنك التعليق هنا

يتم التشغيل بواسطة Blogger.