النقـد المسرحي الفايسبوكي - نــجـيـب طـــلال
تـلك المنصــة:
وهنا محور حديثي[ الفايس بوك] تلك المنصــة التي فرضت وجودها علينا بتقنيتها وأسلوبها و نظرتها للعالم كرؤيا ! باعتبارأن [ الفايس بوك] أحَـد المنصات الأكثر انتشارا واستعمالا ، والذي يُتيح ويبيح التفاعل والتواصل بسرعة برق بين الأشخاص سواء أكانوا[ معلومين ] فيما بينهم أو [افتراضيين ] حيث يشاركون ويتبادلون / ينشرون المعلومات والأفكار وتعقب الأحْـداث الجارية على كل المستويات كل في محيطه وموقعه بسهولة ويسير. فأي تدوينة أو منشورأو صورة ستكون في متناول الآلاف المؤلفة من المتتبعين ، والمستهلكين والمشتركين داخليا وخارجيا. وذلك على مَـدار الدقائق ! فبالأحرى الساعات ! وهو الأمر الذي لم تحققه الصحيفة الورقية ، سواء المستقلة أو الحزبية ؟ ولنؤمن بهاته الحقيقة . ولنؤمن كـَذلك بأن[ الفايس بوك] ظاهرة من ظواهر العَـصر. مما أمسى من ضمن أشكال الهيمنة الثقافية / الإعلامية / من خلال الاتصال والتواصل الدائم و المستمر مع الجميع ، وتزايد الإقبال عليه . إذ بدون استئذان استطاع ويستطيع أن يخلق مجتمعا { فيسبوكيا } وتزداد قوته ؛ إن تم العُـثور على أشخاص لديهم نفس الاهتمامات ونفس الهواجس. بحيث من خلال منتوجه ، ونوعية رواده يتم استقراء المجتمع وكيف يفكر أفراده ( ذكورا / إناثا ) وما هي رغباتهم وطموحاتهم ؟
أليس "الفايسبوك" منصة / جهاز مزعج للسلطات، والقرينة تكمن أن العَـديد من الساسة والحزبيين حاولوا محاربته عن طريق تقنين قوانين صارمة للتعامل معه ؟ وللنشر فيه ؟ أليس "الفايسبوك" حَـقق" الربيع العَـربي" وأطاح بالكثير من الرؤوس المُفسدة والفاسِدة ، والعصابات الإجرامية ؟
طبعا أية ظاهرة لها إيجابيتها وسلبياتها ، لكن الملاحظ بأن "الفايسبوك" له آثار جانبية ، في بلادنا [ تحْـديدا ] ارتباطا بعـَوامل متعـددة ، تتعلق بالأفراد وأهْـدافهم . وأبرز العَـوامل تحويل [الفايسبوك ] ك [وسيلة ]من وسائل التفاعل ونشر المقترحات والتصورات والجَـديد من الأفكار والإبداع وطرح الأعمال من فنون القول ، والفنون المشهدية إلى [ غـاية ] يحضر فيها الذاتي والنرجسية والبطولية، مما يتضاءل التفاعل والتجاذب بين الفايسبوكيين، وأبرز نموذج{ المجموعات/ les croupes }بحيث لماما ما نلاحظ تعليقا وحيدا وتعقيبا أوحـَدا ! و في الغالب ثلاث استحسانات، وهنا أتحَـدث عن المجموعات المسرحية ، والتي تكاثرت[ عربيا ] بشكل رهيب في الآونة الأخيرة، والمسألة إيجابيه مادامت كل مجموعة مسرحية تحاول أن تستغل الفضاء الأزرق كسلاح إيديولوجي/ إشهاري: لمصلحتها وأهْـدافها، عبر بوابة التواصل والتعارف ونشر ملصقات العروض المسرحية ، والتعريف ببعض المبدعين المسرحيين . مقابل هذا تمظهرت ظاهرة جِـد سلبية ، خطيرة عبر الفضاء [ الفايسبوكي] خارج إطار المجموعات المسرحية ، ولكن من معمعان الفرق المسرحية المغربية ( تحْـديدا )
وتلافيا للحساسيات والتأويلات الصبيانية والغضب المرضي ، فضلنا ألا نقدم نماذج من [ النقد الفايسبوكي] والحجة ( انظر) أيها القارئ المفترض للتعليقات والردود حَـول قراءة العروض المسرحية لهذا الشهر( أكتوبر2023) ناهينا عن الأعمال السابقة ، والتي أنجزت بعْـد نهاية وباء( كوفيد) إلى ( الآن). ولكن مضطرين أن نشير- ها هنا - إلى أن أحَـد الشباب (..) قام بقراءة عَـرض لمخرج أخرج [ عملين ] في شهر واحِـد ! سبحان الله القوي الجبار ! بحيث تلك القراءة نشرها في صفحته الفايسبوكية و نشره في نفس اليوم ب[ مجلة فنون مسرحية] فذلك المنشور ، حبذا لو ظل في إطار المدح والتلاعب بالصور( السكيتشات) بدل التلاعب بالأفكار والمدارس الإخراجية ، وإثارة ستانسلافسكي و جاك ليكوك، ليبرز للقارئ أنه ( ناقد) ؟ مبدئيا فالعمل النقدي ليس عملا بسيطا وسهلا ، ولا ينجز في [يومين] فهو يحتاج إلى المعرفة الدقيقة بكنه وماهية المسرح، موازاة بثقافته المتبحرة. لإضفاء المشروعية الإبداعية على الشيء المنقود. بعْـد كشف مكامن الخلل أو الإشراق الفني والإبداعي في العملية المسرحية كلية، ولكن أبعَـد من ذلك محاولة ممارسة الغـوص التفكيكي عن الخفايا والأبعاد الإيديولوجية والنفسية والسياسية حتى للعرض ؟ لتقييم خطابه وأداءه وجماليته. وبالتالي فهنالك تعارض بين مدرسة وإخراج [ستانسلافسكي و جاك ليكوك] ، فالأول يدعُـو لصدق الأداء المسرحي للشخصية ،من خلال الإيمان الحقيقي للأفعال والأقوال التي تصدر من( الممثل) . أما المخرج الفرنسي - جاك ليكوك - يدعو لاستغلال وتوظيف الألعاب العضلية والرياضية في عالم المسرح ، بحيث أعطى مساحة واسعة للصمت أثناء اللعب وقوة دافعة للحركة وللإشارة ، مع توظيف القناع في سياق جمالية السينوغرافيا على حساب الملفوظ ، لتحقيق شعرية جسد الممثل: هل العرض استحكمت جماليته الإخراجية على ذلك؟ فالتعاليق التي انحسرت في[8]؟ خطها الرابط ( الشكر) الممزوج ب (المدح) لأن [المنتوج] كان إطرائيا / مَـدحيا صرفا؛ فحتى مخرج العرض [شكر- تلك الإضاءة] بدل أن يناقشها، ويحاول إبداء رؤيته الإخراجية ، لتعميم الفائدة ! على ضوء تلك الانطباعية .أما تلك [اللياكات] وصلت فقط إلى [23]؟ والمحير أن المقاربة النقدية : المنشورة في ( المجلة) لا تعليق ولا شكر حولها ؟ مقابل هَـذا هنالك أقلام ، ولكن قليلة جدا ! لم تنهج [ الكل جميل] إيمانا بأن المقاربة "الـنقدية "الصادقة والمتمكنة من آليات اشتغالها، لا يمكن أن تحابي أو تـداهِـن أحدا، بل تسعى جاهِـدة أن تكون منصفة متبصرة في قراءتها، بعين ثاقبة ومصححة. مماسعت تلك الأقلام ، ولقد سعت أن تغوص في ماهية العروض المسرحية؛ التي سمحت لها ظروفها لمشاهدتها ، مما حاولت شحذ بعض المفاهيم النقدية في إطار المتن مساهمة بخلق إضاءات نقدية تجاه بعض العروض، المشاركة في ( الدعم) حاليا وسابقا . لتدارك خللها أو أخطائها الفنية / التقنية / الإخراجية /.../ لكن المثير أن أصحاب تلك العروض وجيشها الفايسبوكي، يحاولون هَـدم وتفنيد ما ورد في ذلك [الـنقـد الفايسبوكي] وذلك من خلال التعليقات والردود المستفزة، والتي تصل إلى حد الشتم المبطن ! حتى أن البعض انسحب من ( الفايسبوك) تلافيا للصدمات والاصطدامات المجانية ! ولكن الأغـرب أن تلك النقود تم تنشرها في (الفايس بوك) فقط ؟ دونما السعي لنشرها في المواقع المسرحية والثقافية ، لتعميم الفائدة عربيا / دوليا ؟
فهل الآن [ النقد الفايسبوكي] أمسى رهانا أساسيا رغم علته وهناته الفاضحة ؟ لأن الإطار الفكري والحضاري الذي أنبنى عليه "الفايس بوك" يحاول العَـديد من الإخوة إفراغ إطاره " النبيل" للمصالح الذاتية ، والإنتهازية ، التي لا تخدم الثوابت الفنية والثقافية . هذا إن بقيت هناك بعض الثوابت؟ لأن معظم ما جادت به تلك المقاربات ( النقدية :الفايسبوكية) تندرج في [ برواز] الكتابة الانطباعية / المدحية ، متناولة العرض من الخارج، وهي ظاهرة غير صحية بالأساس. ولعل هذه الإشكالية تحيلنا على موضوع المنهج، وزاوية الرؤية للموضوع، وكيفية التعامل مع العرض المسرحي ؟
أضف تعليق