مساحة اعلانية

مجلة الكترونية دولية مستقلة تعنى بشؤون الفكر والثقافة والأدب والفنون ..

الجُزْءُ الرَّابِعُ : السَمْتُ المُرِيبُ، وَالتَّنَاقُضُ الغَرِيبُ بِالحَجَّاجِ. - بِقَلَمِ / حُسَامُ الدِّينِ أَبُو صَالِحَةٍ

 
 

لقد سَطَّرَ الحَجَّاجُ تاريخه بسيف أحَدِّ من الشفرة ، ودَوَّنَ اسمه بأبحر من دماء غزيرة في سجل السفاحين، والقتلة ممن غلظت قلوبهم، وغابت ضمائرهم، وولَّت عقولهم، وساءت أنفسهم؛ فلم تعرف للين طريقًا، ولا للرحمة سبيلًا، ولا للشفقة نهجًا قويمًا؛ فقد باع نفسه، ودنياه، ودينه بلعاعة زائفة من دنيا زائلة؛ لتثبيت ملك بني أمية مهما كانت الوسيلة المتبعة ، وأيًا كانت التنازلات المقدمة، والأثمان المهدرة متناسيًا بفعله أن الملك المتناحر عليه بالسيف بيد الله سبحانه، وتعالى وحده يؤتيه من يشاء، وينزعه ممن يشاء "١" {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاءُ ۖ بِيَدِكَ الْخَيْرُ ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} "٢"
فالدنيا لا تدوم لأحد، ولو دامت لكانت لرسول الله -ﷺ- ، ولو دامت لسابقيهم ما آلت لهم؛ فما أطال الحجاج عمره بقتل آلاف الخلق ، لكنه رحل عن دنياه لدار الحق عن ثلاثة، وخمسين عامًا، كما لم يدم ملك بني أمية أبد الدهر، فقد أذن الله تعالى بالتغيير فمن سننه بالكون التبديل فآلت الخلافة بعدهم ، وذهب الملك لمن هزمهم كما هزم بنو أمية من قبلهم فجلس بنو العباس على عرش بني أمية عام مائة، واثنتين، وثلاثين من الهجرة ؛ فذهب الحكم لهم كما كان سابقًا لبني أمية قبلهم. "٣"
- فالحجاج، وإن قال عنه الحسن البصري : {إن الحجاج عذاب الله ، فلا تدفعوا عذاب الله بأيديكم؛ لأن الله تعالى قادر على رفعه عنكم، لكنه قدَّرَه عليكم، ولن تستطيعوا الانتصار علي الله فيما قَدَّرَه ، ولكن عليكم بالاستكانة، والتضرع} ، فإنه تعالى يقول"٤" { ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهم وما يتضرعون } "٥"
-لكن ما قاله الحسن البصري لا يمنع من نقده بما له، وما عليه؛ فقد قال اللهُ تعالَى: {وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا ۚ اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ ۖ} "٦" ؛ فبعد قراءتي لسيرة الحجاج؛ وجدت تناقضًا غريبًا، واختلافًا مريبًا بشخصيته، وتنافرًا غير عادي بنهجه، وشرعته، فها هو كثير ما يفعل الشيء، ونقيضه، أو قد يَشْتَهِر بأمر، ويفعل ما يهدمه فأيقنتُ بأنه شخصية مُرَكَّبَة، ومُعَقَّدَة، وغريبة، ومريبة، ومن جملة تناقضاته "٧" :
أولا : الحجاج لم يعجبه اسمه، ولا حال معيشته الفقيرة فتمرد أولًا علي اسمه، وإن كان مُحِقًّا؛ لوضاعة الاسم؛ حيث كان اسمه كُلَيْب تصغير كلب، ثم أبدله بالحَجَّاج.
فهو أبو محمد الحجاج : كليب بن يوسف بن الحكم بن أبي عقيل بن مسعود بن عامر بن معتب بن مالك بن كعب بن عمرو بن سعد بن عوف بن ثقيف بن مُنبّه بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خَصَفَة بن قيس عيلان بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، الثقفي. "٨"
كما تمرد علي حال معيشته الفقيرة؛ حيث يتضح فقر حال الحجاج، وآبائه بقول عبد الملك بن مروان له حينما شكاه أنس بن مالك لعبد الملك؛ فكتب عبد الملك للحجاج مُعَيِّرًا إيَّاه بحال آبائه  : "أنسيت مكاسب آبائك بالطائف، وحفرهم الآبار، ونقلهم الصخور على ظهورهم في المناهل؟!" "٩"
-هذا، وإن كان التطلع للأفضل أمر مستحب، والطموح للأحسن أمر مفضل ، واستبدال العمل بآخر مشروعٌ ، حيث قرر الحجاج الالتحاق بالشرطة، وترك مهنة تحفيظ الصبية، لكنَّ الزهد عن تعليم الصبية القرآن الكريم أمر غير طيب، وفعل غيرحسن؛ إذ هو استبدال للخير الجمِّ ، والثواب الأعمِّ بما هو أدني، وأقلّ وإن جلب له الأدنىٰ منافع كبيرة، وأموال كثيرة، ومناصب رفيعة؛ لأن فضل القرآن، وتعليمه لا يعدله فضل، ولا يساويه ثواب. "١٠"
- لكنه بالإجمال شخص متمرد علي ذاته، ومنقلب علي حاله، طموح لا يحب السكون، ولا الركون، ولا الهدوء، ولا الفقر، ولا أن يكون مغمورًا بين الخلق، محب للسلطة، متسلط، مفرط الإخلاص لبني أمية، يفعل أي شيء لكسب ثقة الحاكم، حتي وإن جار علي من حَباه؛ فعينه بالشرطة، وهو روح بن زنباع ، ثم فضله على زملائه؛ فَرَقَّاه ، ثم أحسن ذكر سيرته  عند الخليفة؛ فَزكَّاه، وبعد هذا الجَمِيل، والفعل الأصيل الذي لا يُمْحَىٰ، ولا يُنْسَىٰ يتنكر له الحجاج، بل يقابل الإحسان بإساءة مُنكَرَة، وتقديرات مُهْدَرة؛ حيث أحرق خيمة جند بن زنباع عندما رآهم يأكلون أثناء عملهم، وأمر بحبسهم دون الرجوع لابن زنباع نكرانًا منه لجميله، وفضله عليه، وإحسانه إليه كل ذلك ليس لغرض سوىٰ تحسين صورته القبيحة، وزيادة هيبته، بفعال غير مؤولة صريحة غير مريحة، ولو كانت علي حساب من كانوا يومًا زملاءه، فالحجاج لا يرى، ولا يسمع، ولا يعقل، ولا يأتمر إلا بما يُسعِدُ بني أمية، وإن أساءَ، ونَكَّلَ بالرَعِيَّة، هوظلوم غشوم لدى العامة تَعرِفُ بطشه الأُمَّة، قلبُه أقسا من الحجر لا يلين بمرور السنين، عقله مُتَّقِدُ الذكاء، متوهج الدهاء، يسبقه بطشه، ولا يُسمَع حلمه، فصيح الكلام، ألد الخصام، داهية من دواهي البشر، ولديه صبر، وإصرار منذ الصغر ، لديه عزيمة علي تحقيق ما يصبو له؛ وفطنة يَسَّرَتْ له هدفه،وما يرنو إليه، ويهفو عليه ؛ فعمل علي أن يذاع سيطه بسوطه، وأن يُدَوَّنَ اسمه بسيفه، ويُكتَبَ تاريخه بيديه الملطختا بدماء الكثيرين من المسلمين. "١١"
- فطموحه السياسي جعله يتمرد علي عمله كمساعد لوالده في تعليم الصبية القرآن الكريم، والحديث، وفقه الدين بلا أجر ؛ فقرَّر الحجاج الانطلاق إلى الشام؛ ليلتحق بالشرطة؛ فالشام حاضرة الخلافة الأموية المتعثرة، التي تركها مروان بن الحكم نهبًا بين المتحاربين،قد تختلف الأسباب التي دفعت الحجاج إلى اختيار الشام مكانًا ليبدأ طموحه السياسي منه رغم بُعدِ المسافة بينها ،وبين الطائف محل ولادته، ومقر إقامته ، وقرب مكة إليه، لكن يُعتقد أن السَّبب الأكبر كراهته لولاية عبد الله بن الزبير في الشام ."١٢"
-التحق بشرطة الإمارة التي كانت تعاني من مشاكل جمة، منها سوء التنظيم، واستخفاف أفراد الشرطة بالنظام، وقلة المجندين، فأبدى حماسةً وانضباطًا، وسارع إلى تنبيه أولياء الأمر لكل خطأ، أو خلل، وأخذ نفسه بالشدة، فقربه روح بن زنباع قائد الشرطة إليه، ورفع مكانته، ورقاه فوق أصحابه، فأخذهم بالشدة، وعاقبهم لأدنى خلل، فضبطهم، وسير أمورهم بالطاعة المطلقة لأولياء الأمر، وقد رأى فيه روح بن زنباع العزيمة القاهرة ، والقوة الماضية، فقدمه إلى الخليفة عبد الملك بن مروان. "١٣"
-أسرف الحجاج في عقوبة المخالفين من زملائه ، لكنه ضبط أمور الشرطة، فما عاد منهم تراخ ، ولا لهو إلا جماعة روح بن زنباع، فجاء الحجاج يومًا على رؤوسهم، وهم يأكلون،فنهاهم عن ذلك في عملهم، لكنهم لم ينتهوا، ودعوه معهم إلى طعامهم، فأمر بهم، فحبسوا، وأحرقت سرادقهم، فشكاه روح بن زنباع إلى الخليفة،فدعا الحجاج، وسأله عما حمله على فعله هذا، فقال إنما أنت من فعل يا أمير المؤمنين، فأنا يدك، وسوطك، وأشار عليه بتعويض روح بن زنباع دون كسر أمر الحجاج . "١٤"
ثانيًا: تناقضه في المحبة، والاهتمام بين الرعية؛ حيث كان الحجاج محبًا لأهل الشام ، دائم الإشادة بخصالهم، والرفع من مكانتهم،والاعتزاز بهم، وكان كثير الاستنصار بهم، ومعظم جيشه كان منهم، وكان رفيقًا بهم، ولذلك كانوا أكثر الناس محبة للحجاج، وأكثرهم نصرة له، وبكاءً عليه بعد مماته، وقيل إنهم كانوا يقفون على قبره، فيقولون رحم الله أبا محمد."١٥"
- لكن علي النقيض، فقد وُلِّيَ على العراق كارهًا لأهلها، وهُم له كارهون ، فاستمرت العلاقة بينهما بالإجبار، وكان الحجاج دائم السبِّ لأهل العراق في خطبه، فكثيرة خطبه التي يذكر فيها أهل العراق بشكل سيئ، والتي يرى فيها العراقيون إساءة إلى اليوم، ومن ذلك أنه لما أراد الحج استخلف ابنه محمد عليهم، وأوصى ولده بهم بغير وصية الرسول -ﷺ-  في الأنصار؛ فقد أوصاه بألا يقبل من محسنهم، ولا يتجاوز عن مسيئهم، وقال لهم:" أعلم أنكم تقولون مقالة لا يمنعكم من إظهارها إلا خوفكم لي، لا أحسن الله لك الصحابة، وأرد عليكم: لا أحسن الله عليكم الخلافة" لذلك شمتوا به يوم فُجع بولده محمد، وأخيه محمد في نفس اليوم، فخطب فيهم متوعدًا إياهم، ومن ذلك أنه مرض فشاع بين الناس موته؛ فخرج أهل العراق محتفلين بموته، غير أنه قام من مرضه؛ ليخطب فيهم خطبة قال فيها: "وهل أرجو الخير كله إلا بعد الموت" "١٦"
ثالثًا : قال ابن كثير عن الحجاج  :" إنه يتدين بترك المسكر ، وكان يكثر تلاوة القرآن ، ويتجنب المحارم، ولم يشتهر عنه شيء من التلطخ بالفروج"
- لكن ما الغرابة في كل ذلك كله ؟! ؛ إذ الأصل في المسلم الذي لم يتقلد أي منصب أن يفعل ذلك كله ليس زيادة في التقرب إلى الله، وإنما امتثالًا لما أمر به الله تعالى، ونها عنه ؛ فالمسكر بجميع صنوفه، وسائر أنواعه محرم بالكتاب، والسنة، وإجماع الأمة."١٧ "
- وأما " اشتهاره بتعظيم القرآن، وسماحته بإعطاء المال لأهل القرآن ، فقد كان يعطي على القرآن كثيرًا" أقول"١٨" : "إن إغداق المال علي القرآن فضل عظيم، وثواب عميم، لكن الصورة لا تكتمل بإغداق المال فقط علي أهل القرآن ، وتعظيمًا لشكل القرآن، وتراكيبه، وبنائه، ونظمه، ورسمه، وإعجام أحرفه بالتنقيط بعد أن كانت الأحرف مهملة بلا تنقيط ، دون تعظيم لأمر القرآن ، ونهيه، ودون عمل بما أمر ، واجتناب لما نهىٰ، فالحجاج يناقض ذلك كله، فلا يقيم لبعض آي كتاب الله تعالى- الذي وعاه بصدره، وحفظه عن ظهر قلبه - وزنًا، ولا يصدر منه بها عملًا؛ فلا يأتمر منها بأمر، ولا ينتهي بها عن نهي؛ إذ كيف يكون حافظًا للقرآن، ومحفظًا للصبية إياه، وكلتا يديه مخضبة بتلك الدماء الغزيرة، وبعنقه أنات مريرة، ولم تؤثِّر فيه، ولو آية واحدة من كتاب الله تعالى بقوله  :{وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} "١٩ " قال البغوي : «حرَّم الله تعالى قتل المؤمن، والمعاهد إلا بالحق، إلا بما أبيح قتله، من ردة، أو قصاص، أو زنا بموجب الرجم.
- لقد جعل الله قتل نفس واحدة بغير حق، كقتل الناس جميعًا، وإحيائها كإحياء الناس جميعًا؛ فقال تعالى: {مِنْ أَجْلِ ذَٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ۚ} "٢٠" .  فما بالكم بمن قتل مائة وعشرين ألفًا صبرًا، وليست نفسًا واحدة؟! حيث قال هشام بن حسان: أحصوا ما قتل الحجاج صبرا فبلغ مائة، وعشرين ألف قتيل. "٢١"
وروى أبو هريرةَ : "لا تحاسَدُوا ، ولا تناجَشُوا ، ولا تباغَضُوا ولا تدابَرُوا ، ولا يبِعْ بعضُكمْ على بيعِ بعضٍ ، وكُونُوا عبادَ اللهِ إخوانًا ، المسلِمُ أخُو المسلِمِ ، لا يَظلِمُهُ ولا يَخذُلُهُ ، ولا يَحقِرُهُ ، التَّقْوى ههُنا – وأشارَ إلى صدْرِهِ – بِحسْبِ امْرِئٍ من الشَّرِّ أنْ يَحقِرَ أخاهُ المسلِمَ ، كلُّ المسلِمِ على المسلِمِ حرامٌ ، دمُهُ ، ومالُهُ ، وعِرضُهُ" "٢٢"
-كما أن الإكثار من تلاوة القرآن ثوابه عائد لمن يتلوه دونما سواه، وتلاوته خير ، لكن الأخير من تلاوته العمل بما فيه من أمر، ونهي، وشرع، وفقه، وعقيدة، وخلق قويم."٢٣ "
-وأما اجتناب الحجاج للمحارم فليس رفاهية منه ، ولا خيار له بين الاجتناب، وعدمه ، لكنه امتثال نهي بصيغة القطع، فليس للحجاج ميزة بمخاطبة الله تعالى له وحده دون غيره بامتثال الأمر، أو اجتناب النهي وهذا لم يحدث ، لكن خطاب الله تعالى مُنصرِفٌ لجميع المسلمين، والمسلمات، وليس له وحده . "٢٤"
-وأما قول ابن كثير :"ولم يشتهر عن الحجاج شيء من التلطخ بالفروج" فلا أري به ميزة له لأسباب عديدة منها "٢٥"  :
١- أن الدنيا قد بُسِطَت تحت قدميه جاهًا، وسلطةً، ومالًا، فلا مبرر له بالتلطخ بالفروج، وإلا كان التلطخُ مهانةً له، وسقطةً لا تغتفر ؛ إذ لا مانع له من الزواج بأكثر النساء تدينًا فضلًا عن الحسب، والنسب، والمال، والجمال.
٢-كما أن الفِطرة السوية، والسجية النَّقيَّة تأبىٰ الدنايا، وتبعد عن الرزايا، وتأنف الطباع الرَّدِيَّة، حتي في الجاهلية قد عُرِفَ أهل المروأة من العرب الأقحاح بالأنساب الطاهرة، والأنكحة السليمة الظاهرة ، والبعد عن الزنا بكل أشكاله، وسائر أنواعه لأنها خسة، وقذارة تأباها النفس الزكية، ألا حيَّا الله تعالى المرأة العربية المسلمة الحرة الأبية التي استنكرت زنا المرأة الحرة بقولها : "أو تزني الحرة؟! " حيث كان ذلك الفعل المشين، والعمل المزري المهين من شيم الإماء لا حرائر النساء.
رابعًا :  أعجب كل العجب من رجل يحفظ القرآن الكريم كله، وآخر ما أوصى به ليس طاعة الله تعالى الذي يحفظ كلامه ، ولا رسوله-ﷺ- الذي نزل عليه الوحي ، ولكن اختزلهما واقتصرهما، وحصرهما بطاعة أولي الأمر فقط بالآية الواردة بقوله تعالي"٢٦" : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ} "٢٧" حيث أوصىٰ بآخرِ عَهدِهِ بقوله : {وأنه لا يعرف إلا طاعة الوليد بن عبد الملك، عليها يحيا، وعليها يموت، وعليها يبعث} "٢٨"
- نعم إن طاعة ولي الأمر طاعة لله تعالى، ورسوله -ﷺ-  ، لكن طاعتهما مقدمة علي ما سواهما، فليته أوصىٰ بطاعة الله تعالى، ورسوله-ﷺ- التي لا يعرف سواهما، وأنه عليهما يحيا، ويموت، ويلقى وجه رب كريم فشتان بين الخالق، والمخلوق، بين الرازق، والمرزوق، بين القوي، والضعيف، بين الغني، والفقير، بين الباقي، والفاني. "٢٩"
خامسًا : كان حريصًا على الجهاد، وفتح البلاد، واختيار القادة الأكفاء، مثل قتيبة بن مسلم الباهلي ( فتح بخاري وسمرقند وخوارزم و بلخ وكاشغر ...) ومحمد بن القاسم الثقفي (الذي فتح بلاد السند، وماحولها، وقنوج) ، وكان الحجاج يقول لأمراء الفتوح : "سيروا؛ فأنتم أمراء على ما افتتحتم" ، وكتب إلى الباهلي، والثقفي يحثهما على فتح الصين : "أيكما سبق الى الصين، فهو اميرها" .
- "٣٠" لكن الأغرب من ذلك نقيضًا لعمله، ومخالفًا لفعله بالوقت الذي يغزو فيه بفتح بلاد غير مسلمة، وإدخالها ضمن رقعة الإسلام، ونشر دين التوحيد بها، إذا به يغلق مكة المكرمة المسلمة على أهلها بحصارها، وترويع الآمنين بها ، وضربه الكعبة المشرفة بالمنجنيق حتي تهدمت أركانها، وتصدعت أرجاؤها حتي، وإن بناها بعد هدمها فلا يُعفىٰ من تجرئه علي الله- تعالي- ؛ بانتهاكه حرمة التعدي علي بلده الحرام، وبيته المحرم بالأشهر الحرم، وفي موسم الحج، وإدخال السلاح للبيت الحرام لأول مرة لم يسبقه فيها أحد، والدليل ما قاله ابن عمر للحجاج: " وَأَدْخَلْتَ السِّلَاحَ ‏‏الْحَرَمَ ‏‏وَلَمْ يَكُنْ السِّلَاحُ يُدْخَلُ ‏الْحَرَمَ ."٣١"
وعَنْ ‏إِسْحَاق بْنِ سَعِيدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ ،‏ ‏عَنْ ‏‏أَبِيهِ ‏‏قَالَ ‏: ‏دَخَلَ ‏‏الْحَجَّاجُ ‏عَلَى ‏‏ابْنِ عُمَرَ ،‏ ‏وَأَنَا عِنْدَهُ فَقَالَ : كَيْفَ هُوَ ؟ فَقَالَ : صَالِحٌ فَقَالَ : مَنْ أَصَابَكَ قَالَ ‏: ‏أَصَابَنِي مَنْ أَمَرَ بِحَمْلِ السِّلَاحِ فِي يَوْمٍ لَا يَحِلُّ فِيهِ حَمْلُهُ ‏. ‏يَعْنِي ‏‏الْحَجَّاجَ ‏.  "٣٢"
- "٣٣" ولم يكتف الحجاج بذلك، بل حاربهم بوقت يحرم فيه القتال، وأشهرَ سلاحَه ببلدٍ ليس به نِزَال،ونَصَبَ مجانيقَه، ونشرَ أجنادًا من الحبشة بوجه صحابي قرشي هو ابن حواري رسول الله -ﷺ-  ، وهذا محال، لكن السياسة، والخلافة لا يُقِرِّان حِلًّا، ولا حُرمَة، ولا يعترفان بعُرفٍ فضلًا عن الشرع؛ فقد قتل الحجاج من لاذ بمكة، وتحصن بالبيت طلبًا لأمن الله به ، ورحمته له ، بقول الله تعالى : {وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا} "٣٤"
سادسًا : "٣٥" الحجاج، وإن وصف نفسه بالصدق، وتجمَّل بقول الحق، لكنه أحيانًا يُحَرِّفُ الكلمَ عن موضعه، ويسوق المثال في غير مضربه، ويقلب الأمور رأسًا على عقب ، ويضع الأدلة في غير سياقها المعهود، ويبرر دون حق مشهود، وليس أدل علي ذلك من إقناع جنده الأحباش بالباطل؛ ليستمروا في حصار مكة، وضربهم الكعبة بالمنجنيق، حيث كان معه خمسة مجانيق، قتل بهن ابن الزبير، ومن لاذ معه من المسلمين بالبيت الحرام باستثناء من فَرَّ من معسكر ابن الزبير إلي الحجاج ؛ إذ قال ابن كثير "٣٦" : " إنهم لما رموا بالمنجنيق جاءت الصواعق، والبروق، والرعود، حتى جعلت تعلوا أصواتها على صوت المنجنيق، ونزلت صاعقة؛ فأصابت من الشامين اثنى عشر رجلًا؛ فضعفت عند ذلك قلوبهم عن المحاصرة، فلم يزل الحجاج يشجعهم ويقول:" إنى خبير بهذه البلاد، هذه بروق تهامة، ورعودها، وصواعقها، وإن القوم يصيبهم مثل الذى يصيبكم، وجاءت صاعقة من الغد؛ فقتلت من أصحاب ابن الزبير جماعة كثيرة أيضًا، فجعل الحجاج يقول:" ألم أقل لكم إنهم يصابون مثلكم، وأنتم على الطاعة، وهم على المخالفة "
-وكان أهل الشام يرتجزون، وهم يرمون بالمنجنيق ويقولون:                                                      مثل الفنيق المزبد      نرمى بها أعواد هذا المسجد.
فنزلت صاعقة على المنجنيق؛ فأحرقته؛ فتوقف أهل الشام عن الرمى، والمحاصرة؛ فخطبهم الحجاج فقال:" ويحكم ألم تعلموا أن النار كانت تنزل على من كان قبلنا، فتأكل قربانهم إذا تقبل منهم؟ فلولا أن عملكم مقبول ما نزلت النار؛ فأكلته" ، فعادوا إلى المحاصرة.
-وروى ابن عساكر فى ترجمة الحجاج: " أنه لما قتل ابن الزبير ارتجت مكة بكاءً على عبد الله بن الزبير - رحمه الله- ، فخطب الحجاج الناس فقال:
" أيها الناس! إن عبد الله بن الزبير كان من خيار هذه الأمة حتى رغب فى الخلافة، ونازعها أهلها، وألحد فى الحرم؛ فأذاقه من عذابه الأليم، وإن آدم كان أكرم على الله من ابن الزبير، وكان فى الجنة، وهى أشرف من مكة، فلما خالف أمر الله، وأكل من الشجرة التى نهى عنها؛ أخرجه الله من الجنة، قوموا إلى صلاتكم يرحمكم الله.
-وقيل: إنه قال: "يا أهل مكة إكباركم، واستعظامكم قتل ابن الزبير، فإن ابن الزبير كان من خيار هذه الأمة، حتى رغب فى الدنيا، ونازع الخلافة أهلها؛ فخلع طاعة الله، وألحد فى حرم الله، ولو كانت مكة شيئًا يمنع القضاء؛ لمنعت آدم حرمة الجنة، وقد خلقه الله بيده، ونفخ فيه من روحه، وأسجد له ملائكته، وعلمه أسماء كل شيء، فلما عصاه؛ أخرجه من الجنة، وأهبطه إلى الأرض، وآدم أكرم على الله من ابن الزبير، وإن ابن الزبير غَيَّرَ كتاب الله؛ فقال له عبد الله بن عمر:" لو شئت أن أقول لك كذبت، لقلت، والله إن ابن الزبير لم يغير كتاب الله، بل كان قوَّامًا به صوَّامًا، عاملًا بالحق. "٣٧ "
سابعًا :"٣٨ "حروبه علي الخوارج، وانتصاره عليهم، لكن الغريب إساءته لبعض صحابة النبي- ﷺ-، والتابعين، والسخرية منهم، والتنكيل بهم، والحط من شأنهم كأنس بن مالك، وعبد الله بن الزبير،وجابر بن عبدالله، وسهل بْن سعد،وسلمة بن الأكوع، وسعيد بن جبير فضلًا عن بغضه لعلي بن أبي طالب، وآل بيته - رضي الله عن الجميع- ؛ فلم يُوَقِّر الحجاج عالمًا لعلمه، ولا شيخًا لِسِنِّه، ولا صحابيًا لصحبته ؛ فقد سَبَّ الصحابيين جابر بن عبدالله، وسهل بن سعد؛ فقد أرسل الحجاج إِلَىٰ سهل بْن سعد، وقال له:«ما منعك أن تنصر أمير المؤمنين عثمان بن عفان؟ ! قال:" قد فعلت" قال: "كذبت"، ثم أمر به فختم في عنقه برصاص»  "٣٩"
وقال عن ابن مسعود أنه رأس المنافقين؛ فقد قال علي بن عبد الله بن مبشر، عن عباس الدوري، عن مسلم بن إبراهيم، ثنا الصلت بن دينار، سمعت الحجاج على منبر واسط يقول: "عبد الله بن مسعود رأس المنافقين لو أدركته؛ لأسقيت الأرض من دمه" .
كما قال لأنس بن مالك عندما دخل عليه: " إيه إيه يا أنيس-تصغير أنس وهو للتحقير -، يوم لك مع علي، ويوم لك مع ابن الزبير، ويوم لك مع ابن الأشعث، والله لأستأصلنك كما تستأصل الشاة، ولأدمغنك كما تدمغ الصمغة "
ثامنًا : لما مات الحجاج لم يترك فيما قيل إلا ثلثمائة درهم ،"٤٠" لكن هذا الورع الغريب، والزهد المريب لا يستقيم مع قصره المنيف، وبنائه المخيف الذي شيده بالعراق، ولم يكن له مثيل؛ فقد قال الحسن البصري حين رأى الدار التي بناها الحجاج بمدينة واسط سنة ٨٦ هـ، فلما دخلها قال: «الحمد لله، إن الملوك ليرون لأنفسهم عزًا، وإنا لنرى فيهم كل يوم عبرًا. يعمد أحدهم إلى قصر فيشيده، وإلى فرش فينجده، ثم يحف به ذباب طمع، وفراش نار، وأصحاب سوء، فيقول:" انظروا ما صنعت!" فقد رأينا أيها المغرور! فكان ماذا يا أفسق الفاسقين؟ أمَّا أهل السماوات فقد مقتوك، وأمَّا أهل الأرض فقد لعنوك، بنيت دار الفناء، وخربت دار البقاء، وغررت في دار الغرور؛ لتذل في دار الحبور!، ثم خرج وهو يقول: "إن الله سبحانه، وتعالى قد أخذ عهده على العلماء؛ ليبيننه للناس، ولا يكتمونه»!"٤١"
تاسعًا: إن يد الحجاج البيضاء بإعجام – أي : تنقيط - المصاحف، والذي لم يحدث على المشهور إلا في عهد عبد الملك بن مروان؛ إذ رأى أن رقعة الإسلام، قد اتسعت، واختلط العرب بالعجم، وكادت العجمة تمس سلامة اللغة، وبدأ اللبس، والإشكال في قراءة المصاحف يلح بالناس، حتى؛ ليشق على السواد منهم؛ أن يهتدوا إلى التمييز بين حروف المصحف، وكلماته، وهي غير معجمة، فرأى بثاقب نظره أن يتقدم للإنقاذ؛ فأمر الحجاج أن يُعنى بهذا الأمر الجلل ، وندب " الحجاج " - طاعة لأمير المؤمنين- رجلين يعالجان هذا المشكل هما : نصر بن عاصم الليثي ، ويحيى بن يعمر العدواني ، وكلاهما كفء قدير على ما ندب له ، إذ جمعا بين العلم، والعمل، والصلاح، والورع، والخبرة بأصول اللغة، ووجوه قراءة القرآن ، وقد اشتركا أيضًا في التلمذة، والأخذ عن أبي الأسود الدؤلي ، ويرحم الله هذين الشيخين، فقد نجحا في هذه المحاولة، وأعجما المصحف الشريف لأول مرة، ونقطا جميع حروفه المتشابهة ، والتزما ألا تزيد النقط في أي حرف على ثلاث ، وشاع ذلك في الناس بعدُ فكان له أثره العظيم في إزالة الإشكال، واللبس عن المصحف الشريف .
وقيل : إن أول من نقط المصحف أبو الأسود الدؤلي ، وإن ابن سيرين كان له مصحف منقوط نقطه يحيى بن يعمر ، ويمكن التوفيق بين هذه الأقوال بأن أبا الأسود أول من نقط المصحف، ولكن بصفة فردية ، ثم تبعه ابن سيرين ، وأن عبد الملك أول من نقط المصحف ، ولكن بصفة رسميَّة عامَّة ذاعت، وشاعت بين الناس دفعًا للبس ، والإشكال عنهم في قراءة القرآن . "٤٢"
-وقد جمع الحجاج القراء، وحفظة القرآن، والكُتَّاب، وطلب منهم أن يحسبوا عدد حروف القرآن، وأن يحددوا نصفه، وثلثه، وربعه، وسبعه، فقاموا بهذا العمل فى أربعة أشهر، وأما الأعشار فيروى أنها من عمله، وقيل إنها من عمل المأمون."٤٣"
-فقد صار المصحف لأول مرة منقطًا، وَمُشَكَّلًا وفقًا لقراءة قريش (قراءة علي، وعثمان) ، وهي موافقة لقراءة زيد بن ثابت الأنصاري كذلك، ولعل الواحد منا يتخيل أن هذا سيجعل قراءة قريش هي الغالبة، لكن الذي حدث أن قراء الكوفة مثل عاصم، والأعمش قد نشروا قراءة هذيل نكاية بالحجاج فقط.
- فيذكر عاصم بن بهدلة أنه سمع الحجاج يقول: «لا أجد أحدًا يقرأ علي قراءة ابن أم عبد -يعني ابن مسعود- إلا ضربت عنقه» ... فذكر ذلك عند الأعمش. فقال: «وأنا سمعته يقول، فقلت في نفسي: "لأقرأنها عَلَىٰ رغم أنفك"».
- قال ابن كثير: «وإنما نقم الحجاج على قراءة ابن مسعود - رضي الله عنه- لكونه خالف القراءة على المصحف الإمام الذي جمع الناس عليه عثمان، والظاهر أن ابن مسعود رجع إلى قول عثمان وموافقيه، والله أعلم. "٤٤"
- فلذلك عندما جمع عثمان المصاحف أرسل عبد الرحمن السلمي مع مصحف الكوفة؛ ليعلم الناس قراءة قريش، فبقي يعلم إلى وفاته في أيام الحجاج، ومعلوم أنه قد قرأ عَلَىٰ عَلِيٍّ بن أبي طالب، وقد أخذ منه عاصم، لكن كراهية الكوفيين السياسية للحجاج دفعتهم إلى تقديم قراءة ابن مسعود كيدًا للحجاج. ومن المؤسف أن تدخل السياسية في مسألة القراءات."٤٥"
- لكنَّ يدي الحجاج البيضاء بتنقيط أحرف المصحف قد شابها السواد؛ بإنكاره قراءة بن مسعود؛ حيث زعم بأن قراءة عبد الله بن مسعود للقرآن ما هي إلا رجز من رجز الأعراب؛ فقد حدث أبو القاسم واصل بن عبد الأعلى الأسدي، قال: حدثنا أبو بكر بن عياش، عن عاصم، قال: سمعته يعني الحجاج بن يوسف، وذكر هذه الآية:" فاتقوا الله ما استطعتم واسمعوا وأطيعوا" قال:" هذه لعبد الملك بن مروان لأمينُ اللهِ ، وخليفته ليس فيها تنويه، والله لو أمرت رجلًا يخرج من باب المسجد، فأخذ من غيره؛ لحل لي دمه، وماله، والله لو أخذت ربيعة بمضر؛ لكان لي حلالًا يا عجباه من عبد هذيل زعم أنه يقرأ قرآنًا من عند الله، فوالله ما هو إلا رجز من رجز الأعراب، والله لو أدركت عبد هذيل؛ لضربت عنقه يا عجبًا من هذه الحُمُر - يعني الموالي- ، إن أحدهم يأخذ الحجر؛ فيرمي به، ويقول:" لا يقع حتى يكون خير" قال أبو بكر:" فذكرت هذا الحديث للأعمش، فقال: "سمعته منه"  "٤٦".
-حيث أنشأ الحجاج في البصرة لجنة خاصة من القراء؛ لمتابعة هذه القضية، وتقطيع كل مصحف يجدوه مخالفَا لمصحف عثمان، على أن يعطوا صاحبه ستين درهمًا تعويضًا."٤٧"
- لكن بالغ الحجاج، فلم يقبل حتى بقراءة ابن مسعود بغير مخالفة مصحف عثمان؛ لأن القرآن الكريم نزل بلغة قريش، وقراءة ابن مسعود بلغة هذيل، وقد غفل الحجاج عن أن القرآن قد نزل على سبعة ألسن، فمن هنا كان نيله من ابن مسعود، وقراءته "وكان يعاقب عليها"  "٤٨"
. وكان ذلك مما اضطر بعض أصحاب عبد الله إلى إخفاء مصاحفهم، ودفنها زمن الحجاج كما فعل الحارث بن سويد التيمي. "٤٩"
عاشرًا : "٥٠" إن خلاف الحجاج مع بعض الصحابة، والتابعين كأنس ابن مالك،وسهل بْن سعد، وعبد الله بن الزبير، وسعيد بن جبير لم يكن دينيًا؛ حيث لم يكن الخلاف في مسألة فقهية، ولا قضية اجتهادية، ولا أمور عقدية، لكنه كان خلافًا سياسيًا ؛ فخلاف الحجاج مع بعض خصومه ليس موضوعيًا، لكنه يشوبه الهوى، والزيغ، والميل لأحقاد سياسية باء بها خصومه بعدم الوقوف بخندقه؛ وتخليهم عن تأييد بني أمية؛ لذا ناصبهم العداء، وكال لهم الاستعداء،فعمل علي إقصائهم، وتصفيتهم فضلًا عن تشويه صورتهم، وسوء معاملته لهم مما يعني عدم انصافه، وتنافي عدله، وتلاشي نزاهته، وبعد حيدته؛ فقد قال لأنس بن مالك عندما دخل عليه "٥١" : " إيه إيه يا أنيس-تصغير أنس وهو للتحقير -، يوم لك مع علي، ويوم لك مع ابن الزبير، ويوم لك مع ابن الأشعث، والله لأستأصلنك كما تستأصل الشاة، ولأدمغنك كما تدمغ الصمغة ".
كما أرسل الحجاج إِلَىٰ سهل بْن سعد، وقال له:«ما منعك أن تنصر أمير المؤمنين عثمان بن عفان؟ ! قال:" قد فعلت" قال: "كذبت"، ثم أمر به فختم في عنقه برصاص»  "٥٢"
الحادي عشر :"٥٣"إن دهاءه الخارق ، وذكاءه الحاذق ، يتقاطعان تمام التقاطع مع قصور فهمه أحيانًا ، وأفول فكره حينًا مما جعله يخطىء باتخاذ بعض القرارات، أو يغلظ القول لمن لا يستحق، وليس أدلُّ علي ذلك من موقفه مع الصحابي الجليل سَلَمةَ بنُ الأَكْوَعِ، وصَبرِه - رَضِيَ اللهُ عنه- علي الحجاج ، وتحمُّلُه ما لَقِيَه منه من الجرأةِ عليه، والازدراءِ به؛ "٥٤" فقد روي سَلَمةَ بنُ الأَكْوَعِ أنَّهُ دَخَلَ علَى الحَجَّاجِ فَقالَ:" يا ابْنَ الأكْوَعِ، ارْتَدَدْتَ علَى عَقِبَيْكَ! تَعَرَّبْتَ؟ قالَ: لَا، ولَكِنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أذِنَ لي في البَدْوِ. وعَنْ يَزِيدَ.... بنِ أبِي عُبَيْدٍ، قالَ: لَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ بنُ عَفَّانَ، خَرَجَ سَلَمَةُ بنُ الأكْوَعِ إلى الرَّبَذَةِ، وتَزَوَّجَ هُنَاكَ امْرَأَةً، ووَلَدَتْ له أوْلَادًا، فَلَمْ يَزَلْ بهَا حتَّى قَبْلَ أنْ يَمُوتَ بلَيَالٍ، فَنَزَلَ المَدِينَةَ.
- حيث قَالَ الصَّحابيُّ الجليلُ سَلَمَةُ بنُ الأَكْوَعِ رَضِيَ اللهُ عنه -وكان مِن المهاجِرين- : " أنَّه دخَلَ على الحَجَّاجِ بنِ يُوسُفَ لَمَّا وَلِيَ إمرةَ الحِجازِ من عبْدِ الملِكِ بنِ مَرْوانَ، بعد قَتْلِ ابنِ الزُّبَيرِ سنةَ أربَعٍ وسبعينَ مِنَ الهِجرةِ، فقال له الحَجَّاجُ مُتعجِّبًا:" هلْ ارتددْتَ علَى عَقِبَيكَ ، فترَكْتَ هِجْرَتَك؟ "والعَقِبُ: مُؤَخَّرُ القَدَمِ، والجملةُ تُستعمَلُ فيمن أتى عَكْسَ ما كان عليه، وهلْ «تَعرَّبتَ»، فترَكْتَ مُقَامَك بالمدينةِ وأقمْتَ مع الأعرابِ في الباديةِ والصَّحراءِ؟ فكانوا يَعُدُّون مَن رجع بَعْدَ هِجْرتِه إلى مَوضِعِه من غيِر عُذرٍ كالمرتدِّ، أو أنَّ هذا كان من جَفاءِ الحَجَّاجِ، حيث خاطب هذا الصَّحابيَّ الجليلَ بهذا الخِطابِ القبيحِ مِن قبْلِ أن يستكشِفَ عن عُذْرِه، أو أنه أراد قَتْلَه، فبيَّن السَّبَبَ الذي يريدُ أن يجعَلَه مُستَحِقًّا للقَتلِ به.
- فقال سَلَمَةُ رضِيَ اللهُ عنه: " لا، لمْ أتْرُكْ هِجْرتي ولم أتَعرَّبْ، ولكنِّي كُنتُ استَأذنْتُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في الإقامةِ في الباديةِ مع الأعرابِ، فأَذِنَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لي" .
وقدْ خَرَجَ سَلَمَةُ بنُ الأَكْوَعِ رَضِيَ اللهُ عنه من المدينة لَمَّا قُتِل عُثمانُ بنُ عفَّانَ رضِيَ اللهُ عنه سنة خَمسٍ وثلاثينَ مِنَ الهِجرةِ، إلى «الرَّبَذَةِ»، وهي قَرْيةٌ بالباديةِ تقَعُ إلى الجنوبِ الشَّرقيِّ مِن المدينةِ النَّبويَّةِ بحَوالَيْ 200 كيلومترٍ، فأقام سَلَمَةُ هناك طَويلًا وتَزوَّج وأنجَبَ، ولَمْ يَزَلْ سَلَمَةُ بالباديةِ، حتَّى نزَلَ المدينةَ قبْلَ وَفاتِهِ بأيَّامٍ، وماتَ بالمدينةِ مَوضِعِ هِجرتِه رضِيَ الله عنه سنة أربعٍ، وسَبعينَ على الصَّحيحِ، فكانت مُدَّةُ سُكناه بالباديةِ نحوَ الأربعينَ سَنةً."٥٥"
الثاني عشر : "٥٦"لم يخرج ابن الزبير علي بني أمية، حتي يستحق القتل بتلك الصورة البشعة ،وهذا المنظر القميء، وإنما هم من خرجوا عليه في خلافته بقيادة مروان بن الحكم، ثم عبد الملك بن مروان ؛ حتي قَتَلَ الحَجَّاجُ ابنَ الزبير، ولتوضيح ذلك تاريخيًا :
- استخلف يزيد بن معاوية بن أبي سفيان قبل موته ابنه معاوية الذي ظل مريضًا حتى مات، وكانت ولايته قريبًا من أربعين يومًا، ولم يستخلف معاوية أحدًا، فانحل أمرهم، ومن ثم بويع لابن الزبير بالخلافة، وأعطت كل بلاد المسلمين البيعة ما خلا الأردن، ودمشق، قال ابن الجوزي عن عبد الله بن الزبير لما مات يزيد بن معاوية: «فدعى إلى نفسه، وسمي أمير المؤمنين، وولى العمال، واستوثقت له البلاد، ما خلا طائفة من الشام، فإنهم بايعوا مروان» "٥٧"
- استحق أن يكون ابن الزبير أمير المؤمنين حسب المستقر في فقه أهل السنة، والجماعة، وقوي أمره، حتى همَّ قائد الجيش الذي أرسله يزيد؛ لمحاربته قبل موته أن يبايعه بالخلافة، وكذلك مروان بن الحكم عزم أن يبايع ابن الزبير بدمشق، وقد ظل ابن الزبير أميرًا للمؤمنين تسع سنوات يبعث خلالها عماله إلى الأمصار للصلاة والخراج، ويوليهم على البلدان.
- قال ابن كثير: «وبعث ابن الزبير إلى أهل الكوفة عبد الله بن يزيد الأنصاري على الصلاة، وإبراهيم بن محمد بن طلحة بن عبيد الله على الخراج، واستوثق له المصران جميعًا، وأرسل إلى أهل مصر؛ فبايعوه، واستناب عليها عبد الرحمن بن جحدم، وأطاعت له الجزيرة، وبعث على البصرة الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة، وبعث إلى اليمن؛ فبايعوه، وإلى خراسان؛ فبايعوه»."٥٨"
- أسس عبد الله بن الزبير خلافته عام(٦٤) أربعة، وستين للهجرة النبوية ؛ حيث أعلن عبد الله بن الزبير نفسه خليفة على المسلمين فبايعة الناس، ولم يبق غير دمشق، والأردن تحت إمرة الأمويين؛ فأرسل ابن الزبير أخيه مصعب واليًا على العراق، وعبدالله بن خازم واليًا على خراسان ،وعبد الله بن مطيع واليًا على فارس، وأنس بن أبي سنان، وعبد الرحمن بن جحدم ولاة على مصر، وزفر بن الحارث، والنعمان بن بشير، والضحاك بن قيس ولاة على الشام، ثم ثار عليه الأمويين بقيادة مروان بن الحكم، ثم عبد الملك بن مروان، وإنتهت الدولة الزبيرية بمقتل مؤسسها، وخليفتها الأول عبد الله بن الزبير عام (٧٣) ثلاثة، وسبعين للهجرة. فبايع الناس الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان المؤسس الثاني للدولة الأموية.
- صارت مدة خلافة ابن الزبير تسعة أعوام هجرية من عام(٦٤) أربعة، وستين للهجرة حتي عام(٧٣) ثلاثة ، وسبعين للهجرة .
الثالث عشر :"٥٩" إن من يدافعون عن جرائم الحجاج يقولون : أين هو من هولاكو، وجنكيز خان، وستالين، وهتلر ؟
علمًا بأن هؤلاء ليسوا مسلمين، وهو مؤمن موحد بالله يعلم الحلال، ويقر بالحرام ، ثم إن الجريمة جريمة، وإن لم يفعلها أحد، والخير خير، وإن تكاثر عليه كل البشر، وإن مقارنته بهم لمقارنة جائرة، ومقاربة ظالمة إنها تشبيه بين السيء، والأسوأ، أو بين سفاح، وجزار ، لكني أقول لهم ألا يستقيم له الاقتداء برسول الله قولًا، وفعلًا، وتقريرًا، وصفةً، ثم أين هو من رفق أبي بكر، وزهد عمر، وحياء عثمان، ورجاحة عقل علي، وعدالة عمر بن عبد العزيز.
- كما أن من يحبون الحجاج يبررون له القتل، وسفك الدم بعلة حقبته التاريخية المضطربة التي تموج بالقتن، فليذهب التاريخ للجحيم، ولتبقى الإنسانية المتجردة بأسما صورها، وأنبل قيمها،وليحيا الإنسان ويصان دمه، وماله، وعرضه رغم أنف الحجاج وسيفه، وسوطه.
الرابع عشر : صك الحجاج للعملة فقد رغب عبد الملك بن مروان، ورغب فى إيجاد عملة خالية من كل نقش أجنبى ففرض على الناس التعامل بها، وضرب عبد الملك الدنانير فى دمشق عام ٧٤ هجريًا، وكتب إلى الحجاج أن اضربها قِبَلَكَ فضرب دراهم من الفضة سنة ٧٥، لكن العملة لم تنتشر إلا عام ٧٦ هجريا.
وقد وكل الحجاج ضرب عملته ليهودى يدعى سميرًا، وقد كتب عليها "بسم الله"، "الحجاج" ثم نقش عليها "قل هو الله أحد". "٦٠"
"٦١" لكن الحجاج ، وإن صك العملة، وهذا يحمد له، لكنه أساء لنفسه بارتكابه جُرمًا لا يمحىٰ، وذنبًا لا يغتفر؛ فقد ختم بعض الصحابة بأعناقهم، وأيديهم؛ حيث اتخذ الحجاج خاتمًا، وكان يحميه في النار حتى يحمر، ويختم به بعض أصحاب النبي  - ﷺ - بين أكتافهم في ظهورهم،، وأيديهم، فلما جاء الدور إلى أنس بكى، فقال: ما يبكيك يا خادم رسول الله! يعني: أن الحجاج يعلم أن هذا خادم النبي - ﷺ -  قال: "والله لا أبكي جزعًا، وإنما أبكي أن النصارى لا يفعلون هذا بأساقفتهم، ولا رهبانهم، وأنت تفعل هذا بأصحاب النبي  - ﷺ -" ، فهو يبكي لأن الأمة أنجبت مثل هذا.  "٦٢"
وقد أرسل الحجاج إِلَىٰ سهل بْن سعد، وقال له:«ما منعك أن تنصر أمير المؤمنين عثمان بن عفان؟ ! قال:" قد فعلت" قال: "كذبت"، ثم أمر به فختم في عنقه برصاص» "٦٣"
فذكر مُحَمَّد بن عمران بن أبي ذئب، حدثه عمن رأى جابر بن عبد الله مختوما في يده، وعن ابن أبي ذئب، عن إسحاق بن يزيد، أنه رأى أنس بن مالك مختومًا في عنقه، يريد أن يذله بذلك، قال ابن عُمَرَ: وَحَدَّثَنِي شُرَحْبِيلُ بْنُ أَبِي عَوْنٍ، عَنْ أبيه، قال: رأيت الحجاج، وقد أمر بختم سهل بن سعد في عنقه برصاص. "٦٤"
الخامس عشر : "٦٥" إن كان للحجاج فضل بإحياء أنفس غير مسلمة باعتناقها الإسلام بعد فتح بلادهم كالسند، والهند، والصين إلا أنه تسبب بقتل أنفس تقية نقية بريئة كالصحابي الجليل عبد الله بن عمر؛ فقد حَكَى الزُّبَيْرُ فِي الْأَنْسَابِ أَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ لَمَّا كَتَبَ إِلَى الْحَجَّاجِ أَنْ لَا يُخَالِفَ اِبْنَ عُمَرَ - بموسم الحج - شَقَّ عَلَيْهِ فَأَمَرَ رَجُلًا مَعَهُ حَرْبَةٌ يُقَالُ إِنَّهَا كَانَتْ مَسْمُومَةً فَلَصِقَ ذَلِكَ الرَّجُلُ بِهِ فَأَمَرَّ الْحَرْبَةَ عَلَى قَدَمِهِ فَمَرِضَ مِنْهَا أَيَّامًا ثُمَّ مَاتَ , وَذَلِكَ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ .ا.هـ.
- ولذلك عندما زار الحجاج ابن عمر في مرضه هذا، وسأله عمن فعل به هذا؟! فقال له:" أنت؛ لأنك من أمرت بإدخال السلاح لساحة الحرم، ولم يحدث ذلك أبدًا؛ فَعَنْ ‏إِسْحَاق بْنِ سَعِيدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ ،‏ ‏عَنْ ‏‏أَبِيهِ ‏‏قَالَ ‏: ‏دَخَلَ ‏‏الْحَجَّاجُ ‏عَلَى ‏‏ابْنِ عُمَرَ ،‏ ‏وَأَنَا عِنْدَهُ فَقَالَ : كَيْفَ هُوَ ؟ فَقَالَ : صَالِحٌ فَقَالَ : مَنْ أَصَابَكَ قَالَ ‏: ‏أَصَابَنِي مَنْ أَمَرَ بِحَمْلِ السِّلَاحِ فِي يَوْمٍ لَا يَحِلُّ فِيهِ حَمْلُهُ ‏. ‏يَعْنِي ‏‏الْحَجَّاجَ "٦٦" .
...........................................................
 
المراجع، والآيات، والأحاديث :
١-المؤلف.
٢- آل عمران ٢٦.
٣-المؤلف.
٤-الطبقات لابن سعد بتصرف  (7/164) بإسناد صحيح.
٥- [المؤمنون /76] .
٦-المائدة ٨.
٧-المؤلف.
٨-أنساب الأشراف (4/302)
٩-البداية، والنهاية لابن كثير.
١٠-المؤلف.
١١-المؤلف.
١٢-ويكيبيديا، الحجاج بن يوسف الثقفي، نشأته.
١٣-ويكيبيديا، الحجاج بن يوسف الثقفي، نشأته.
١٤-ويكيبيديا، الحجاج بن يوسف الثقفي، نشأته.
١٥-ويكيبيديا، الحجاج بن يوسف الثقفي، نشأته.
١٦- ويكيبيديا، الحجاج بن يوسف الثقفي، نشأته.
١٧-المولف.
١٨-المولف.
١٩-الأنعام، الآية: ١٥١.
٢٠-المائدة: ٣٢.
٢١-ص10 - أرشيف ملتقى أهل الحديث - من ضحايا الحجاج بن يوسف الثقفي - المكتبة الشاملة الحديثة) السنن للترمذي (4: 433).
٢٢-الراوي : أبو هريرة | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الجامع | الصفحة أو الرقم : 7242 | خلاصة حكم المحدث : صحيح | التخريج : أخرجه البخاري (6064) مختصراً، ومسلم (2564) باختلاف يسير.(الدرر السنية، الموسوعة الحديثية)
٢٣-المولف.
٢٤-المؤلف.
٢٥-المؤلف.
٢٦-المؤلف.
٢٧- النساء٥٩.
٢٨-ص17 - أرشيف ملتقى أهل الحديث - من ضحايا الحجاج بن يوسف الثقفي - المكتبة الشاملة الحديثة)
٢٩-المؤلف.
٣٠-المؤلف.
٣١-رواهُ البخاري (966) .
٣٢-رواه البخاري (967) .
٣٣-المؤلف.
٣٤-آل عمران ٩٧.
٣٥-المؤلف.
٣٦-البداية والنهاية لابن كثير،  "ثم دخلت سنة ثلاث وسبعين"
٣٧-البداية، والنهاية لابن كثير.
٣٨-المؤلف.
٣٩-تاريخ الطبري ج ٥ ص ٣٥.
٤٠-المؤلف.
٤١-الحسن البصري.. وموقفه من أزمة السلطة في عصره
محمد حلمي عبد الوهاب، الثلاثـاء 07 شـوال 1432 هـ 6 سبتمبر 2011 العدد 11970.
٤٢-مناهل العرفان " ( 1 / 280 ، 281 ) .
٤٣-يقرأ القرآن ويحب الموسيقى.. الوجه الآخر لـ الحجاج بن يوسف الثقفى.. مش كله شر، محمد عبد الرحمن، اليوم السابع، السبت، 01 يونيو 2019 09:00 م.
٤٤-ص38 - أرشيف ملتقى أهل الحديث - الحجاج بن يوسف الثقفي الوجه الآخر - المكتبة الشاملة الحديثة.
٤٥-ص38 - أرشيف ملتقى أهل الحديث - الحجاج بن يوسف الثقفي الوجه الآخر - المكتبة الشاملة الحديثة.
٤٦-ص36 - أرشيف ملتقى أهل الحديث - من ضحايا الحجاج بن يوسف الثقفي - المكتبة الشاملة الحديثة.وإسناده صحيح، واصل بن عبدالأعلى ثقة ثبت.
٤٧-انظر تأويل مشكل القرآن لابن قتيبة 37.
٤٨-التمهيد لابن عبد البر، ص38 - أرشيف ملتقى أهل الحديث - الحجاج بن يوسف الثقفي الوجه الآخر - المكتبة الشاملة الحديثة)
٤٩-ذكره الزمخشري في تفسير سورة الفتح من الكشاف (ص38 - أرشيف ملتقى أهل الحديث - الحجاج بن يوسف الثقفي الوجه الآخر - المكتبة الشاملة الحديثة)
٥٠-المؤلف.
٥١-البداية والنهاية.
٥٢-تاريخ الطبري ج ٥ ص ٣٥.
٥٣-المؤلف.
٥٤-الراوي : سلمة بن الأكوع | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري.الصفحة أو الرقم: 7087 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
٥٥-الدرر السنية،الموسوعة الحديثية.
٥٦-المؤلف.
٥٧-المنتظم في تاريخ الملوك والأمم لابن الجوزي 6/138.
٥٨-البداية والنهاية لابن كثير 11/666.
٥٩-المؤلف.
٦٠-يقرأ القرآن ويحب الموسيقى.. الوجه الآخر لـ الحجاج بن يوسف الثقفى.. مش كله شر، محمد عبد الرحمن، اليوم السابع.
٦١-المؤلف.
٦٢-ص15 - كتاب شرح أصول اعتقاد أهل السنة للالكائي حسن أبو الأشبال - ترجمة الحجاج بن يوسف الثقفي وأقوال العلماء فيه - المكتبة الشاملة.
٦٣-تاريخ الطبري ج ٥ ص ٣٥.
٦٤-بوابة السيرة النبوية، نقلًا من تاريخ الطبري.
٦٥-المؤلف.
٦٦-رواه البخاري (967).
 

ليست هناك تعليقات

يمكنك التعليق هنا

يتم التشغيل بواسطة Blogger.