العصور الاخيرة بين المحابر المترعة والسراويل الشفافة - اسامة غانم
هل استطاع محمود جنداري أن ينفذ الى الحاضر من
خلال التاريخ والاسطورة والميتا خرافة ؟ سؤال يبرز لقارىء نصوص " مصاطب الآلهة " ، أو بالأصح يظهر
عند قراءة كل نص فيها ، لأن النصوص جميعها تنطلق من رؤية واحدة مما يجعلها متداخلة
متشابكة فيما بينها ، وهذا يؤدي بنا أن
نتسأل هل التاريخ قام بتمثيل الحاضر ؟ وكيف ذلك ؟ ولقد اعتبر ليونارد دايفيس أن
مسألة التمثيل القصصي تحولت الى إشكالية ، فيقول في ذلك " فقد عملت القصة ،
باعتبارها الشكل الأدبي القويّ والواسع الانتشار والمهيمن ، على تعتيم التمييز ،
وبطريقة غير مسبوقة ، بين الوهم والواقع ، وبين الحقيقة والخرافة ، وبين الرمز وما
يُمثّل "1 . ولهذا لا يمكننا ان
نتجاوز التمثيل ، رغم انه يقدم صورة مشابهة لما يمثل ، بل صورة بديلة عنه . وهذا
يؤكد بان هناك فرق بين الواقع وما يمثله ،وإن القصة عمل رمزي اجتماعي سياسي ، تعمل
بوصفها " تأكيداً على رباط الاتصالات بين القاصّ والمتلقي في سياق تاريخي ،
واجتماعي ،وسياسي ، وأيضاً ، نصّي متبادل "2. بمعنى أن هذا الشكل من القص
يتحقق عندما يصبح القاص باستطاعته النفاذ الى جوهر الواقع واحداثه وتفاعلاته وعلى
" محاكاة هذا الواقع أو تمثيله . عندئذ يقف القاص بقصته على مقربة من الواقع
،بحيث تتولد عند القارىء مباشرة عملية التبادل الإدراكي ، تارة من داخل النص الى
خارجه ، وتارة أخرى من خارج النص الى داخله "3.
إن جنداري هنا يضع لسرده قوانين جديدة ، مبتكرة
، مغايرة تماماً لما قبلها ، لم يسبقه لها احد ، ولكنها متلائمة مع ما يريد ان
يصبو اليه القاص ، أو ما يريد أن يقوله ، لذا يضفي هذا السرد على الواقع قيمة
رمزية دلالية ، تجعل منه واقعاً خيالياً سحرياً ، يتهشم فيه الزمان والمكان ،
ويعلن كسر الترتيب السردي ، وتجاوز العقدة التقليدية ، وانفتاح الدلالات الموسوعية
عن اهمية الخطاب الذي يصنعه جنداري وهذا في نفس الوقت يعطي القارىء رؤية مغايرة
لعالمه الواقعي .
وهذا ما ذكرناه يكون قريب جداً ، من تعريف
القص الحداثي ، الذي جاء في كتاب " الحداثة " : " التحليل والتأمل ، والهروب والخيال ،
واطلاق العنان للأحلام ، وهو قص يصور عوالم تكتنفها المخاطر والكوابيس والموت
"4.
وفي هذا القول الذي ذهبنا اليه ، يتفق محمود
جنداري تماماً معه ، عندما يقول عن عملية قراءة نص " العصور الاخيرة " بالذات لزميله السجين كفاح الالوسي " لابد من التريث والتأني في القراءة ،
وعلى القارىء ان يكون ذكياً ويعي من البداية أنه ازاء نمط جديد من الكتابة القصصية
، لذا عليه ان يشغل ويستنفر مرجعياته الثقافية ، لتعينه على رؤية ما خلف السطور
"5 . اذا الشفرات والدلالات والعلامات كلها يعثر عليها في المرجعيات الثقافية
– المعرفية التي يمتلكها قارىء النص ، بمعنى إن قارىء نصوص جنداري الذي لا يمتلك
خلفية ثقافية تاريخية وابستمولوجية لا يمكن ان يخرج من هذه النصوص بأية نتيجة تذكر
، ولا يستطيع اختراق قشرة الفهم ، ولا معرفة قصدية القاص ، ولا تتحقق له رؤية ما
خلف الكلمات . لأن نصوص " مصاطب
الآلهة " تتميز بطرح الكثير من الافكار والرؤى ، من خلال الانتقالات السردية
الكثيرة المحسوبة للقاص ، وان هذه الانتقالات المقصودة تستفز وتستنفر إمكانيات
القراء ، وإمكانيات النصّ .
يفتتح النص بفعل الامر "علمني " ،
موجهه الى المخاطب المجهول ، من قبل السارد المجهول ، ولعل البعض يتسأل ، لماذا
استخدم القاص فعل الامر وليس فعل آخر ؟ ، وهل في تكرار الكلمة " علمني "
تجري عملية الانتقال بين الازمنة من حيث الزمان والمكان والحدث والاشخاص :
1-"
الآن علمني كيف يقام الاعتراف ، وسأعترف لك وحدك . سأعترف أنني سئمت النوم ، ونبذت
المكوث في تجاويف الحقب التي تجري خلف بعضها مثل دلاء النواعير / الآن ، أزفت
الساعة لأغادر قرون الصمت وحيدا – ص 498 " .
2-
علّمني أن العقل مثل الضوء لا يلتم في شباك الصيد المشرعة عند مصبات المياه ،
والمرمية منذ ثلاثين قرناً لا تعكس الا افخاذ وبزات عسكرية وخوذ من حجر / ص 506
".
3-
علمني كيف اقرأ في خيوط الشمس اسمي وأسم أرابخا / أرني كيف فكر النحات ( سن – موت
) بأن المسمار اقوى من المرمر؟ ص 506" .
4
- علمني من اين تأتي هذه الأصوات ؟/ من البحر ؟ / لا / من نينوى ؟ / نعم / علمني
كيف يزوغ الجائع عن السوط من السماء / أرني ما شكل الظلام الذي استتر به جياع
العمارنة وهم يتسللون الى النوبة ويستولون عليها ؟ / علّمني كيف كانت أمبابة خالية
موحشة لما بلغوها عند الفجر ؟ / علمني كيف تستطيع الليالي وانت بعيد أن تلحق
ببعضها / ليل يعقبه ليل / من الملكة شجرة الدر والملك الصالح نجم الدين وتوران شاه
حتى أحمد عرابي / من الواح الحجر الى الذاكرة ؟ / هيهات / ص 508 " .
5-
اصوات الغلمان أثارت شكوك الجاحظ / علمني يا مولاي لأخصي هذا الأعمى / خذ بيدي
وامنحني الشجاعة فلن اجد افضل منه / ص 516" .
بعد ان أمر المخاطب ان يعلمه الاعتراف ،
ولأنه سئم النوم ، والمكوث في تجاويف التاريخ ، الآن وجب أن يغادر زمن الصمت
وحيداً ، ليعلن عن زمن البوح والجهر بما يحصل ، وذلك بالكلام وحده الذي اعتبره
بمثابة اقتحام حصونهم ، ولكن الناس كانوا " صامتين ينوسون كما ينوس النمل /
جعلتني أراهم وكأنهم اشتعال التراب ، أو مثل الفيض القاري الزاحف نحو آماد بعيدة –
ص 498" . الفعل نَاسَ يُنوس . يأتي بمعاني عديدة ، نَاسَ الغصن : تحرك ،
نًاسَ لعابه : سال ، اضطرب ، نَاسَ الجْمِاَلَ : ساقَهَا . والناس راضية بما يفعل بها ، يساقون تحت سلطة
غاشمة مفرطة في القسوة ، هؤلاء الناس
" عارية من الداخل ، عارية من الخارج / ارواحها ملجومة بالحنين الى
الشمس ، وأجسادها مكشوطة بالسياط / ومجعدة بالجوع / لا خارج لها ولا داخل لا فرق
لديها بين الحياة والموت ، / فعلّمني إنني بين كائنات بشرية كيف ؟ طبعاً فلولا تلك
الوجوه الشبيهة بوجوه البشر ، ولولا الأسماء الطويلة والعيون الزائغة المسكونة
بالفزع ، لحسبتهم مجرد أفراد مثلما الأرضة والنمل أفراد / قلت لي انك ستفتح أمامهم
مفازات جديدة ليسيروا باتجاهها صباحاً ومساءً / ولكنك لم تفعل / انت تجعلهم ينبعون
من الارض والأرصفة والبالوعات / بشر؟ لا ؟ وانا اراهم كذلك من بعيد – ص 499 "
. فهذا زمن تحول الإنسان فيه الى أرضة ونملة . ثم بعد عدد صفحات ، يعود السارد
مكرراً أنه " أزف الوقت للخروج من
صمت القرون .. وانفتحت بوابات الأزمنة الآتية ، وأضيئت تجاويف الحقب بمشاعل عصر
الجواري .. وأفسحت مكاناً للخيزران ولمراجل وماردة وقراطيس وشجاع وقبيحة ووحشية
وشغب – ص 512 " ، وبهذا التداخل والدمج المتعمد بين الأزمنة الحاضرة والأزمنة
الماضية ، وبقصدية ساخرة ، للوضع الراهن الذي يمثله بوضع عصر الجواري اللواتي
حكمنا ، وفيه " يعمل هذا الدمج النصي لصور الماضي التناصية ، الذي يعَدّ
عنصراً بنيوياً تأسيسياً للمتخيل ما بعد الحداثي بوصفه علامة شكلية للتاريخية –
الأدبية و " الدنيوية " على حد سواء . وللوهلة الأولى ، سوف يتبين أن ما
يميز المحاكاة الساخرة ما بعد الحداثية عن محاكاة القرون الوسطى وعصر النهضة هو
الإشارة الساخرة المستمرة للاختلاف في قلب التشابه "6 . وعند عودتنا لأسماء
الجواري تتوضح لنا الصورة واسباب المحاكاة الساخرة مع ام الحاكم التي يرمز لها
بطرف خفي باستعارة ، فالخيزران : هي جارية استقدمت من اليمن . وهي زوجة الخليفة
العباسي المهدي ووالدة الخليفة هارون الرشيد ، اما ماردة : هي جارية تركية نشأت في
الكوفة ، ثم انتقلت الى قصر الخليفة هارون الرشيد لتصبح ام المعتصم ، الجارية
مراجل : هي ام المأمون ، فارسية الاصل ، كانت من اجتياح جواري الخليفة هارون
الرشيد ، قراطيس : جارية رومية الاصل وصلت الى قصر الخلافة عن طريق الحرب ، وهي ام
الواثق . اما الجارية شجاع : فهي ام المتوكل ، والجارية قبيحة : ام الخليفة المعتز
بالله ، وهي جارية رومية ، الجارية شغب : زوجة الخليفة المعتضد بالله وام الخليفة
المقتدر بالله . ولشبق افتنانهم بجسد المرأة " اقيمت دكات جديدة بالقرميد الاحمر
يقف عليها التجار والسماسرة واللوطية ليتطلعوا عن قرب ، محاسن الجارية –ص
515" . فالحكام " مغرمون بالجواري وبالدم – ص 515 " .
ونعثر كذلك بين سطور النص على ان اول من اوجد
تجارة الغلمان والخصاء هم السومريين ، " علّمني كيف نقل السومريون مفاتن
التجارة بالغلمان / أرني كيف بدأ الخصاء ؟ / أرني كيف تعلمه المصريون ؟ - ص 516
" . فالغلمان في كل العصور " فتنة " ، لدرجة ان بعض الخلفاء
العباسيين فضل معاشرة الغلمان على الجواري ، أما بالنسبة للخصاء لقد قام حكام
الشعوب بتقسيمهم حسب الفعل الذي يقوم به الجاني لكي يعاقب بالخصي ، ودرجته
الاجتماعية ، كما بين القاص للقارىء : " أما الخصاء فإنه محاولة لتوفير الأمن
الجنسي للزاني عند المصريين / للسارق عند الاشوريين / لثيران الحراسة عند قرى حمام
العليل / للخائن عند البابليين / للفقراء عند عبد الملك بن مروان / للوزراء عند
طغرلبك / للعفة عند أبي مبارك الصابي / للحراسة عند المأمون / للأمن في سامراء عند
المعتصم / للاغتيال وسمل العيون ودس السم عند المتوكل / - ص 516 " .
والمفارقة المثيرة أن الخليفة المتوكل الذي وجههم " أي الخصاء " لسمل
عيون الاعداء ، قاموا بسمل عيونه ، وهكذا ابتدأ عصر المماليك الاتراك والديلم . في
اتحاد الغلمان – الجواري الذين علموا انهم يقيمون عصراً جديداً .
الكلمة / الكلام ،قوة ، لذا مرة أخرى "
طغى اللون الأزرق " ، وتمر قوافل الكتابة مصاحبة للقوافل التي تكتب الالواح
الرطبة بالمسامير ، و يواصلون " الحفر في الواح رطبة محمولة على الخيل كما
يشتهون / التاريخ والقصائد – ص 503 "ونرى ان السارد يتوسل للجلوس للمرة
الأخيرة " بين اولئك الوثنيين الفضلاء في الدائرة التاسعة الى جانب جراكوس
وابن حزم الأندلسي وعلي بن محمد وسبارتكوس / بين سقراط وابن سينا وابن رشد
وافلاطون وارسطو واندريه جيد وتوماس مان وأمراء طليطلة وقرطبة وغرناطة وسرقسطة
واشبيلية وناشفين وامير ارابخا – ص 520 " ، أمير أرابخا ، هو أمير كركوك ، هو
الذي يطلق عليه المحتشم ، وهو في ذات الوقت السارد ، والمخاطب ، والقاص ، كان لديه
" صُنّاعاً وكَتبة يغمسون ريشاتهم في محابر مترعة بالحبر / .. لديه علاقات
عقائدية وجسدية مع سيدة شقراء بيتها في الجانب الآخر ، تقف على مسافة منه / مرتدية
سراويل شفافة بلون رغوة البحر تكشف عن شعر أشقر في أسفل البطن – 520 " ، وهو
يعرف أن الكلمة / الحرف / حياة ، أقوى واكثر فاعلية من السيف / الرصاصة / موت .
فالبقاء للكلمة المرسومة على جدران الكهوف وعلى جدران المعابد وعلى الجلود وعلى
صفحات الكتب الورقية ، مادامت محفورة ، فهي باقية بقاء الإنسان ، رغم رصاصة الموت
.
وكلما نقرأ صفحات أكثر ، كلما نعثر على
تساؤلات أكثر ، " ألا يقام عهد إلاّ بالدم ؟ / هل فرغ الرصاص المنطلق ؟ هل
ابتدأ القتال ؟ - ص 506" . "
انت طرف قوي / ليكن / أنت بدأت القتال وراقبت المواكب مخذولة منكسة الرؤوس / أنت
نشرت على الغيم رايات الاقتحام والانتصار فاستطالت طوابير الفارين والمجرمين وعبرت
البحر – ص 507 " ، حرب وراء حرب ، اجتياح أو اقتحام سواء ، لذا فأن لغة نص
" العصور الاخيرة " هي " محدثة تماماً بسبب نسبيتها وتهكمها
بالطريقة التي نصوغ بها تجاربنا من اجل جعلها نمطاً وشكلا زمنياً ذا معنى . أن
رؤيتها أساساً تهكمية ، وهدفها التخلص من الصيغ المستعبدة التي تفرضها اللغة على
التجربة "7 .
ويبين لنا النص بأن الثورة التي ليس جذور
عميقة ومتأصلة في المجتمع ، تفشل مهما طالت ، أو تشبثت بعملية المقاومة ، كثورة
الزنج بقيادة المسمى علي بن محمد الذي طرح اسمه عدة مرات في النص ، وهو رجل ادعى
النسب العلوي ، هو من اصول فارسية مولود في طهران يطلق عليه علي بن محمد الفارسي .
شخصية محيرة ، متقلبة ، لكنه اتصف بالطموح والذكاء والموهبة ، بدأ حياته شاعراً في
بلاط الخليفة العباسي في العاصمة الجديدة سامراء لكنه لم يجد مكانه اللائق به ،
فقد اغوته حياة الخلفاء والقصور الى الطموح السياسي 8 . وهذا مما ادى به الى
القيام بثورة ضد الحكم العباسي بين عامي 255- 270 هـ ، ادت هذه الثورة الى سيطرته
على مدينة البصرة والاحواز واجزاء من مدينة واسط ، واقام له عاصمة اسماها المختارة
وسط الاهوار :
1-"
انخطفت نفوسهم ببريق الهرطقة وتناسخ الارواح وصيحات علي بن محمد وجراكوس / وفصاحة
بن طبابا وسراويل هادريان / ويح نفسي لقد خدعني العهد / أباطرة ذكور يتساقط حجر
الحكمة من أفواههم ، ويتقاطر الدم من سيوفهم –ص 503 " .
2-
" في الليلة الثامنة تعفنت الجثث فأقبلت أسراب الذباب يقودها إله الذباب من
البحر والاهوار / من منارات عاصمة علي بن محمد العائمة على أعناق القصب ورغوة
الماء الرمادي / ويح نفسي / أباطرة مخنثون لهم مخيلات من زجاج يجمعون فيها ضوء
الشمس ويكشفون بها عورة العالم في بابل وأورشليم – ص 504 " .
ويصور لنا محمود جنداري في لمحة ذكية جدا ،
عندما يجمع ثلاث شخصيات في آن واحد ، في صورة واحدة ‘ علي بن محمد قائد ثورة الزنج
و باتريس لومومبا مناضل كونغولي ذو ميول
اشتراكية ، اصبح اول رئيس وزراء في تاريخ الكونغو ، ولكن عملت بلجيكا والمخابرات
المركزية CIA وبالتعاون مع عملائها من حكومة الكونغو
بالإطاحة بحكومة باتريس لومومبا التي لم تكمل سنة ‘ فقد اعدم في 17كانون الثاني
عام 1961م ، حيث اقتيد لومومبا إلى طريق
القبر، صامتاً مذهولاً تماماً وعيناه زائغتان، ولم يبدِ أية مقاومة، واجه زمرة
القتل الثالثة ووابل هائل من الرصاص المنطلق ، ليصبح جسد رئيس الوزراء السابق
كالغربال لكثرة ثقوب الرصاص . بعد التنفيذ، كانت الأرض قد امتلأت بنحو نصف
كيلوغرام من الرصاصات الفارغة. بعد سبع وعشرين سنة، كانت الشجرة لا تزال مثقبة
بالرصاص. أنجزت العملية كلها بحوالي خمس عشرة دقيقة . وليوبولد الثاني ملك بلجيكا
، الذي فاق هتلر في الوحشية والجنون ، حيث قتل اكثر من عشرة ملايين إنسان من
الكونغو، ورغم ان ملك بلجيكا ليوبولد الثاني لم يعاصر لومومبا ، لأنه كان قد توفى
في عام 1909م ، ولكن لدمويته وبشاعته في القتل لأبناء الكونغو قام القاص بذكره ،
مثلما يذكر كل الطغاة والجلادين معه عن طريق الاستعارة أو المجاز أو التشابه أو
المقارنة " علّمني إذن كيف وصل الزنج إليها ؟ من أين ؟ / قلت لي من النوبة /
نعم / قلت لي لترَ ذلك الرجل الأشقر وعلى رأسه عمامة مرصعة بالياقوت / الجالس على
عرش مهيب / المحدّق الى جسد أسود مسجى أمامه يصب على قدميه الماء المعطر بالورد ،
ويفرد أصابعه / قلت أعرف أن الجثة هي لوممبا ، أما ذاك الاشقر فلا أعرفه / أرني
ليوبولد كما وعدتني / أهذا هو ؟ حسن إذن / قلت لي أن الجسد المسجى ، الابنوس – ص
510" .
الهوامش
والاحالات
1-ليندا
هَتْشيون – سياسة ما بعد الحداثة ، ترجمة : د حيدر حاج اسماعيل ، المنظمة العربية
للترجمة ، بيروت / لبنان ، 2009م ، ص 128.
2-
م . ن . ص 142.
3-
نبيلة ابراهيم – قص الحداثة ، مجلة فصول ، مج 67 ع 4 ، القاهرة ، 1986م ، ص 96.
4-
تحرير : مالكم برادبري و جيمس ماكفارلن –
الحداثة ج1 ، ترجمة : مؤيد حسن فوزي ، دار المأمون للترجمة والنشر ، بغداد /
العراق ، 1987م ، ص 71.
5-
مدونة كفاح الالوسي – صداقة لها طعم التبرزل .
6-
ليندا هتشيون – الميتارواية والمحاكاة الساخرة وخطابات التاريخ ، ترجمة : السيد
إمام ، مجلة فصول مج 25/2 العدد 98 شتاء 2017م .
7-
تحرير : مالكم برادبري و جيمس ماكفارلن –
الحداثة ج2 ، ترجمة : مؤيد حسن فوزي ، دار المأمون للترجمة والنشر ، بغداد /
العراق ، 1990م ، ص 181.
8-
الطبري – تاريخ الرسل والملوك ، دار التراث ، بيروت / لبنان ، 1968م ، 412/9 .
أضف تعليق