صمود - محمّد الزّواري ـ تونس

 
 

صمود صمود
و لا شيء في الأرض
غير الصّمود
و في الأفق أعمدة من دخان
و ريش حمام
تناثر بين الحدود
و دمعة أمّ
تلخّص تاريخ شعب
يقاوم من أجل فرض الوجود
***
و غير بعيد
مقاعد فيها الجلوس مريح
و فيها أناس يجيدون رسم الكلام
و رمي الورود
و فيها أناس يجيدون في الأرض
تفسير ما في السّماء
و كيف القتيل يظلّ شهيدا
و يتقن فنّ الحياة و فنّ الخلود
و كيف الإله يعاقب من ظلموا غيرهم
و ما فعل الله في قوم عاد و قوم ثمود
و فيها أناس شغوفون جدّا  بدرس الحساب
بإحصاء ذرّات ما في التّراب
يعدّون كم فات من سنوات
و كم مرّ من سابقات العقود
فهذا يندّد حينا
و ذلك يشتم حينا
و ذاك يذمّ الخداع و نقض العهود
يقول بأنّ السّلام قريب قريب
فقط يا صديقي
قليلا من الصّبر حتّى يبيد العدوّ
جميع الأماني
صدى ذكريات تلاشت
و  بعض الوعود
***
و غير بعيد
عيون تراقب
تحلّل تفتح عبر الأثير حوارا
و تعرض نشرة أخبارها كلّ يوم
و ترصد خبث الذّئاب
و مكر الثّعالب
و إنّ و كان و ليت و لكن
كلام جميل يحاصرنا منذ سبعين عاما
يمينا يسارا و من كلّ جانب
***
و غير بعيد
تنادي الغريبة بين الكتائب
أنا من أقاوم
أنا أمّ كلّ المعارك كلّ الملاحم
ألفت الدّماء ألفت المآتم
و قصف الرّعود بكلّ الفصول
و كلّ المواسم
و لكنّها علّمتني إذا مات يوما شهيد
سيولد في الأرض ألف مقاوم
***
أنا لم أطالب بأن تدعموني
أنا لم أطالب بأن تحملوا بندقيّة
و لا أن تقوموا بوضع نقاش
عن الحرب و السّلم
أو فهم سرّ خفيّ  يلفّ القضيّة
فقط يا رفاقي
أميطوا كلام الأذى عن طريقي
و لا تقطعوا بالجدال العقيم
جذور الهويّة
و لا تمنعوني من العيش في الأرض
بين الرّماد و بين الجماجم
فقط اتركوني اتركوني أقاوم
دعوني أقاوم
دعوني أقاوم