مساحة اعلانية

مجلة الكترونية دولية مستقلة تعنى بشؤون الفكر والثقافة والأدب والفنون ..

شعراء منسيون ....! بقلم: سيد صباح بهبهاني

 




أبو نُوّاس
ــ 198 هجري / 763 ـ 813 ميلادي 146
الحسن بن هانئ بن عبد الأول بن صباح الحكمي بالولاء.
شاعر العراق في عصره. ولد في الأهواز من بلاد خوزستان ونشأ بالبصرة، ورحل إلى بغداد فاتصل فيها بالخلفاء من بني العباس، ومدح بعضهم، وخرج إلى دمشق، ومنها إلى مصر، فمدح أميرها ، وعاد إلى بغداد فأقام بها إلى أن توفي فيها .
كان جده مولى للجراح بن عبد الله الحكمي، أمير خراسان، فنسب إليه، وفي تاريخ ابن عساكر أن أباه من أهل دمشق، وفي تاريخ بغداد أنه من طيء من بني سعد العشيرة.
هو أول من نهج للشعر طريقته الحضرية وأخرجه من اللهجة البدوية، وقد نظم في جميع أنواع الشعر، وأجود شعره خمرياته .
 
إحدى قصائده :
 
دَعْ عَنْكَ لَوْمي فإنّ اللّوْمَ إغْرَاءُ
ودَاوني بالّتي كانَتْ هيَ الدّاءُ
 
صَفراءُ لا تَنْزلُ الأحزانُ سَاحَتها
لَوْ مَسّها حَجَرٌ مَسّتْهُ سَرّاءُ
 
مِنْ كَفّ ذات حِرٍ في زيّ ذي
ذكرٍ لَها مُحِبّانِ لُوطيٌّ وَزَنّاءُ
 
َقامْت بِإبْريقِها، والليلُ مُعْتَكِرٌ
فَلاحَ مِنْ وَجْهِها في البَيتِ لألاءُ
 
فأرْسلَتْ مِنْ فَم الإبْريق صافيَة ً
كأنَّما أخذُها بالعينِ إعفاءُ
 
َرقَّتْ عَنِ الماء حتى ما يلائمُها
لَطافَة ً، وَجَفا عَنْ شَكلِها الماءُ
 
فلَوْ مَزَجْتَ بها نُوراً لَمَازَجَها
حتى تَوَلدَ أنْوارٌ وأَضواءُ
 
دارتْ على فِتْيَة ٍ دانًَ الزمانُ
لهمْ، فَما يُصيبُهُمُ إلاّ بِما شاؤوا
 
لتِلكَ أَبْكِي، ولا أبكي لمنزلة ٍ
كانتْ تَحُلُّ بها هندٌ وأسماءُ
 
حاشا لِدُرَّة َ أن تُبْنَى الخيامُ لها
وَأنْ تَرُوحَ عَلَيْها الإبْلُ وَالشّاءُ
 
فقلْ لمنْ يدَّعِي في العلمِ فلسفة ً
حفِظْتَ شَيئًا، وغابَتْ عنك أشياءُ
 
لا تحْظُرالعفوَ إن كنتَ امرَأًَ
حَرجًا فَإنّ حَظْرَكَهُ في الدّين إزْراءُ .

أبو العَتاهِيَة
130 ــ 211 هجري / 747 ــ 826 ميلادي
إسماعيل بن القاسم بن سويد العيني، العنزي، أبو إسحاق.
شاعر مكثر، سريع الخاطر، في شعره إبداع، يعد من مقدمي المولدين، من طبقة بشار وأبي نواس وأمثالهما. كان يجيد القول في الزهد والمديح وأكثر أنواع الشعر في عصره. ولد ونشأ قرب الكوفة، وسكن بغداد.
كان في بدء أمره يبيع الجرار ثم اتصل بالخلفاء وعلت مكانته عندهم. وهجر الشعر مدة، فبلغ ذلك الخليفة العباسي المهدي، فسجنه ثم أحضره إليه وهدده بالقتل إن لم يقل الشعر، فعاد إلى نظمه، فأطلقه. توفي في بغداد.
 
إحدى قصائده:
 
لعَمْرُكَ، ما الدّنيا بدارِ بَقَاءِ، كَفَاكَ بدارِ المَوْتِ دارَ فَنَاءِ
 
فلا تَعشَقِ الدّنْيا، أُخيَّ، فإنّما يُرَى عاشِقُ الدُّنيَا بجُهْدِ بَلاَءِ
 
حَلاَوَتُهَا ممزَوجَة ٌ بمرارة ٍ ورَاحتُهَا ممزوجَة ٌ بِعَناءِ
 
فَلا تَمشِ يَوْماً في ثِيابِ مَخيلَة ٍ فإنَّكَ من طينٍ خلقتَ ومَاءِ
 
لَقَلّ امرُؤٌ تَلقاهُ لله شاكِراً؛ وقلَّ امرؤٌ يرضَى لهُ بقضَاءِ
 
وللّهِ نَعْمَاءٌ عَلَينا عَظيمَة ٌ، وللهِ إحسانٌ وفضلُ عطاءِ
 
ومَا الدهرُ يوماً واحداً في اختِلاَفِهِ ومَا كُلُّ أيامِ الفتى بسَوَاءِ
 
ومَا هُوَ إلاَّ يومُ بؤسٍ وشدة ٍ ويومُ سُرورٍ مرَّة ً ورخاءِ
 
وما كلّ ما لم أرْجُ أُحرَمُ نَفْعَهُ، وما كلّ ما أرْجوهُ أهلُ رَجاءِ
 
أيَا عجبَا للدهرِ لاَ بَلْ لريبِهِ يخرِّمُ رَيْبُ الدَّهْرِ كُلَّ إخَاءِ
 
وشَتّتَ رَيبُ الدّهرِ كلَّ جَماعَة ٍ وكَدّرَ رَيبُ الدّهرِ كُلَّ صَفَاءِ
 
إذا ما خَليلي حَلّ في بَرْزَخِ البِلى، فَحَسْبِي بهِ نأْياً وبُعْدَ لِقَاءِ
 
أزُورُ قبورَ المترفينَ فَلا أرَى بَهاءً، وكانوا، قَبلُ،أهل هاءِ
 
وكلُّ زَمانٍ واصِلٌ بصَريمَة ٍ، وكلُّ زَمانٍ مُلطَفٌ بجَفَاءِ
 
يعِزُّ دفاعُ الموتِ عن كُلِّ حيلة ٍ ويَعْيَا بداءِ المَوْتِ كلُّ دَواءِ
 
ونفسُ الفَتَى مسرورَة ٌ بنمائِهَا وللنقْصِ تنْمُو كُلُّ ذاتِ نمَاءِ
 
وكم من مُفدًّى ماتَ لم يَرَ أهْلَهُ حَبَوْهُ، ولا جادُوا لهُ بفِداءِ
 
أمامَكَ، يا نَوْمانُ، دارُ سَعادَة ٍ يَدومُ البَقَا فيها، ودارُ شَقاءِ
 
خُلقتَ لإحدى الغايَتينِ، فلا تنمْ، وكُنْ بينَ خوفٍ منهُمَا ورَجَاءُ
 
وفي النّاسِ شرٌّ لوْ بَدا ما تَعاشَرُوا ولكِنْ كَسَاهُ اللهُ ثوبَ غِطَاءِ .
 
 
أبو الشيص الخزاعي
130 ــ 196 هجري / 747 ــ 811ميلادي
 
محمد بن علي بن عبد الله بن رزين بن سليمان بن تميم الخزاعي.
 
شاعر مطبوع، سريع الخاطر رقيق الألفاظ .
 
من أهل الكوفة غلبه على الشهرة معاصراه صريع الغواني وأبو النواس. وانقطع إلى أمير الرقة عقبة بن جعفر الخزاعي فأغناه عقبة عن سواه .
ولقبه أبو الشيص ويقال للنخلة إذا لم يكن لها نوى وذلك رديء مذموم.
وهو ابن عم دعبل الخزاعي، عمي في آخر عمره قتله خادم لعقبة في الرقة .
 
إحدى قصائده :
 
وكميت أرّقها وَهَجُ الشَّمْ سِ وصيْفٌ يَغْلي بها وشتاءُ
 
طبختها الشعرى العبور وحثَّت نارها بالكواكب الجوزاءُ
 
محضتها كواكب القَيْظ حتى أقلعت عن سمائها الأقذاءُ
 
هي كالسُّرْج في الزجاج إذا ما صَّبها في الزُّجاجة الوُصَفاءُ
 
ودم الشَّادن الذَّبيح وما يَحْ تَلِبُ السَّاقيان منها سواءُ
 
قد سقتني والليل قد فتق الصُّبْ ح بكأسين ظَبْية حَوْراءُ
 
عن بَنان كأنَّها قُضُب الفِضْ ضَة حنَّى أطرافها الحِنّاءُ .
 
ابن الرومي
 
ــ 283 هجري / 836ــ 896 ميلادي221
علي بن العباس بن جريج الرومي.
شاعر كبير، من طبقة بشار والمتنبي، رومي الأصل، كان جده من موالي بني العباس.
ولد ونشأ ببغداد، ومات فيها مسموماً قيل: دس له السمَّ القاسم بن عبيد الله -وزير المعتضد- وكان ابن الرومي قد هجاه .
قال المرزباني: لا أعلم أنه مدح أحداً من رئيس أو مرؤوس إلا وعاد إليه فهجاه، ولذلك قلّت فائدته من قول الشعر وتحاماه الرؤساء وكان سبباً لوفاته.
وقال أيضاً: وأخطأ محمد بن داود فيما رواه لمثقال (الوسطي) من أشعار ابن الرومي التي ليس في طاقة مثقال ولا أحد من شعراء زمانه أن يقول مثلها إلا ابن الرومي .
 
إحدى قصائده:
 
وهاجرة بيضاءَ يُعدي بياضُها سواداً كأنّ الوجهَ منه محّممُ
 
أظلّ اذا كافحتُها وكأنني بوّهاجها دون اللثام ملثّم
 
يظلّ إذا أبدى لنا منه صفحة ً ولا ماءَ لكنْ قورُها الدهرَ عُوَّمُ
 
ترى الآل فيها يلطمُ الآل مائجاً وبارُحها المسموم للوجه الطم.
 
 
ابن دريد الأزدي
223 ـ 321 هجري / 838 ــ 932 ميلادي
 
محمد بن الحسن بن دريد الأزدي القحطاني، أبو بكر.
من أئمة اللغة والأدب، كانوا يقولون: ابن دريد أشعر العلماء وأعلم الشعراء، وهو صاحب المقصورة الدريدية، ولد في البصرة وانتقل إلى عمان فأقام اثني عشر عاما وعاد إلى البصرة ثم رحل إلى نواحي فارس فقلده آل ميكال ديوان فارس، ومدحهم بقصيدته المقصورة، ثم رجع إلى بغداد واتصل بالمقتدر العباسي فأجرى عليه في كل شهر خمسين دينارا فأقام إلى أن توفي .
من كتبه (الاشتقاق -ط) في الأنساب، و(المقصور والممدود -ط)، و(الجمهرة-ط) في اللغة، ثلاثة مجلدات، و(أدب الكاتب)، والأمالي).)
 
إحدى قصائده:
 
أهلاً وسهلاً بالذينً أودُّهمْ وأحبُّهمْ في اللهِ ذي الآلاءِ
 
أهلاً بقومٍ صالحينَ ذوي تقى ً غرِّ الوجوهِ وزينِ كلِّ ملاءِ
 
يَسْعُونَ في طَلَبِ الحَدِيثِ بِعِفَّة ٍ وتَوَقُّرٍو سَكِينَة ٍ وحَيَاءِ
 
لَهُم المَهَابَة ُ والجَلاَلة ُ والنُّهَى وفَضَائِلُ جَلَّتْ عَنِ الإِحْصَاءِ
 
ومِدَادُ مَا تَجْرِي بِهِ أَقْلاَمُهُمْ أَزْكَى وأَفْضَلُ مِنْ دمِ الشُّهَدَاءِ
 
يا طالبي علمَ النَّبيِّ محمَّدٍ ما أنتمُ وسواكمُ بسواءِ .
 
 
ابن المُعتَز
247 ـ 296 هجري / 861 ــ908 ميلادي
 
عبد الله بن محمد المعتز بالله ابن المتوكل ابن المعتصم ابن الرشيد العباسي، أبو العباس.
الشاعر المبدع، خليفة يوم وليلة. ولد في بغداد، وأولع بالأدب، فكان يقصد فصحاء الأعراب ويأخذ عنهم .
آلت الخلافة في أيامه إلى المقتدر العباسي، واستصغره القواد فخلعوه، وأقبلو على ابن المعتز، فلقبوه (المرتضى بالله)، وبايعوه للخلافة، فأقام يوماً وليلة، ووثب عليه غلمان المقتدر فخلعوه، وعاد المقتدر، فقبض عليه وسلمه إلى خادم له اسمه مؤنس، فخنقه. وللشعراء ميراث كثيرة فيه.
 
إحدى قصائده:
 
ألا انتظروني ساعة ً عندَ أسماءِ وأترابِها، منهنّ بُرئي وأدوائي
 
ثنينَ الذيولَ وارتدين بسابغٍ كحبّاتِ رَمل، وانتَقَبن بحنّاءِ
 
و ولينَ ما بالين من قد قتلنه، بلا تِرَة ٍ تُخشَى ولا قَتلِ أعدائي
 
رَددتُ سهامي عنك بيضاً وخُضّبت سِهامُك في قلبٍ عميدٍ وأحشاءِ
 
فلم أرَ مثلَ المنعِ أغرى لحاجة ٍ، و لا مثلَ داءِ الحبَّ أبرح من داءِ.
 
 
أَبو العَلاء المَعَرِي
363 ـ 449 هجري / 973 ــ 1057 ميلادي.
أحمد بن عبد الله بن سليمان، التنوخي المعري.
شاعر وفيلسوف، ولد ومات في معرة النعمان، كان نحيف الجسم، أصيب بالجدري صغيراً فعمي في السنة الرابعة من عمره.
وقال الشعر وهو ابن إحدى عشرة سنة، ورحل إلى بغداد سنة 398 هـ فأقام بها سنة وسبعة أشهر، وهو من بيت كبير في بلده، ولما مات وقف على قبره 84 شاعراً يرثونه، وكان يلعب بالشطرنج والنرد، وإذا أراد التأليف أملى على كاتبه علي بن عبد الله بن أبي هاشم، وكان يحرم إيلام الحيوان، ولم يأكل اللحم خمساً وأربعين سنة، وكان يلبس خشن الثياب، أما شعره وهو ديوان حكمته وفلسفته، فثلاثة أقسام: (لزوم ما لا يلزم-ط) ويعرف باللزوميات، و(سقط الزند-ط)، و(ضوء السقط-خ) وقد ترجم كثير من شعره إلى غير العربية وأما كتبه فكثيرة وفهرسها في معجم الأدباء. وقال ابن خلكان: ولكثير من الباحثين تصانيف في آراء المعري وفلسفته،
من تصانيفه كتاب (الأيك والغصون) في الأدب يربو على مائة جزء، (تاج الحرة) في النساء وأخلاقهن وعظاتهن، أربع مائة كراس، و(عبث الوليد-ط) شرح به ونقد ديوان البحتري، و(رسالة الملائكة-ط) صغيرة، و(رسالة الغفران-ط)، و(الفصول والغايات -ط)، ورسالة الصاهل والشاحج).)
 
إحدى قصائده:
 
إيّاكَ والخمرَ، فهي خالبةٌ، غالبةٌ، خابَ ذلك الغَلَبُ
 
خابيةُ الرّاح ناقةٌ حفَلَت، ليس لها، غيرَ باطلٍ، حلَبُ
 
أشأمُ من ناقةِ البَسوس على النا سِ، وإن يُنَلْ عندها الطلب
 
يا صالِ، خَفْ إن حلَبت دِرّتها، أن يترامى بدائِها حَلَبُ
 
أفضلُ مما تضمُّ أكؤسُها، ما ضُمّنتَه العِساسُ والعُلَبُ.
 
 
ابن معتوق الموسوي
ــ 1087 هجري / 1616 ــ 1676ميلادي1025
وهو السيد شهاب الدين بن معتوق الحويزي .
شاعر بليغ، من أهل البصرة. فلج في أواخر حياته، وكان له ابن اسمه معتوق جمع أكثر شعره في ديوان شهاب الدين – ط))
 
إحدى قصائده:
 
هذَا الْعَقِيقُ وَتَلْكَ شُمُّ رِعَانِهِ
فَامْزُج لُجْيَن الدَّمْعِ مِنْ عِقْيَانِهِ
 
وانزل فثمَّ معرّسٌ أبداً ترى
فِيهِ قُلُوبَ العِشْقِ مِنْ رُكْبَانِهِ
 
واشمم عبيرَ ترابهِ والثم حصى ً
في سفحهِ انتثرت عقودُ جمانهِ
 
وَاعْدِلْ بِنَا نَحْوَ الْمُحَصَّبِ مِنْ مِنى ً
وَاحْذَرْ رُمَاة َ الْغُنْجِ مِنْ غِزْلاَنِهِ
 
وَتَوَقَّ فِيهِ الطَّعْنَ إِمَّا مِنْ قَنَا
فُرْسَانِهِ أَوْ مِنْ قُدُودِ حِسَانِهِ
 
أَكْرِمْ بِهِ مِنْ مَرْبَعٍ مِنْ وَرْدِهِ
الوجناتُ والقاماتُ من أغصانهِ
 
مَغْنى ً إِذَا غَنَّى حَمَامُ أَرَاكِهِ
رَقَصَتْ بِهِ طَرَباً مَعَاطِفُ بَانِهِ
 
فَلَكٌ تَنَزَّلَ فَهْوَ يُحْسَبُ بُقْعَة ً
أو ما ترى الأقمار من سكانه
 
خضب النجيع غزاله وهزبره
هذا بوجنتيه وذا ببنانه
 
فَلَئِنْ جَهِلْتَ الْحَتْفَ أَيْنَ مُقَرُّهُ
سَلْنِي فَإِنِّي عَارِفٌ بِمَكانِهِ
 
هُوَ في الْجُفُونِ السُّودِ مِنْ فَتَيَاتِهِ
أَوْ فِي الْجُفُونِ الْبِيضِ مِنْ فِتْيَانِهِ
 
من لي برؤية أوجه في أوجه
حجب البعاد شموسها بعنانه
 
بِيضٌ إِذَا لَعِبَتْ صباً بِذُيولِهَا
حَمَلَ النَّسِيمُ الْمِسْكَ فِي أَرْدَانِهِ
 
عمدت إلى قبس الضحى فتبرقعت
فِيهِ وَقَنَّعَهَا الدُّجَى بِدُخَانِهِ
 
مِنْ كُلِّ نَيِّرَة ٍ بِتَاجِ شِقَيقِهَا
قَمَرٌ تَحُفُّ بِهِ نُجُومُ لِدَانِهِ
 
وَهبتْ لَهُ الْجَوْزَاءُ شُهْبَ نِطَاقِهَا
حَلْياً وَسَوَّرَهَا الْهِلاَلُ بِحَانِهِ
 
هذي بأنصل جفنها تسطو على
مُهَجِ الأُسُودِ وَذَاكَ مِنْ مُرَّانِهِ
 
يفتر ثغر البرق تحت لثامها
وَيَسِيرُ مِنْهَا الْغَيْثُ في قُمْصَانِهِ
 
كَمَنَ النُّحُولُ بِخَصْرِهَا وَبسَيْفِهِ
والموت من وسنانها وسنانه
 
في الخدر منها العيس تحمل جوذراً
ويقل منه الليث سرج حصانه
 
قسماً بسلع وهي حلفة وامقٍ
أَقْصَاهُ صَرْفُ الْبَيْنِ عَنْ جِيرَانِهِ
 
مَا اشْتَاقَ سَمْعِي ذِكْرَ مَنْزِلِ طَيْبَة ٍ
إلا وهمت بساكني وديانه
 
بَلَدٌ إِذَا شَاهَدْتَهُ أَيْقَنْتَ
أَنَّ اللهَ ثَمَّنَ فِيهِ سَبْعَ جِنَانِهِ
 
ثغر حمته صاح أجفان المهى
وَتَكَلَّفَتْهُ رِمَاحُ أُسْدِ طِعَانِهِ
 
تمسي فراش قلوب أرباب
الهوى تلقي بأنفسها على نيرانه
 
لَوْلاَ رِوَايَاتُ الْهَوَى عَنْ أَهْلِهِ
لَمْ يَرْوِ طَرْفِي الدَّمْعَ عَنْ إِنْسَانِهِ
 
لا تنكروا بحديثهم ثملي إذا
فض المحدث عن سلافة حانه
 
هُمْ أَقْرَضُوا سَمْعِي الجُمانَ
وطالَبُوا فيه مسيل الدمع من مرجانه
 
فَإِلاَمَ يَفْجَعُنِي الزَّمَانُ بِفَقْدِهِم
وَلَقَدْ رَأَى جَلَدِي عَلَى حِدْثَانِهِ
 
عَتْبِي عَلَى هذّا الزَّمَانِ مُطَوَّلٌ
يُفْضِي إِلَى الإِطْنَابِ شَرْحُ بَيَانِهِ
 
هَيْهَاتِ أَنْ أَلْقَاهُ وَهْوَ مُسَالِمي
إِنَّ الأَدِيبَ الْحُرَّ حَرْبُ زَمَانِهِ
 
ياقلب لاتشك الصبابة بعدما
أوقعت نفسك في الهوى وهوانه
 
تَهْوَى وَتَطْمَعُ أَنْ تَفِرَّمِنَ الْهَوَى
كيف الفرار وأنت رهن ضمانه
 
يا للرّفاقِ ومن لمهجة ِ مدنفٍ
نِيرَانُهَا نَزَعَتْ شَوَى سُلْوَانِهِ
 
لم ألقَ قبلَ العشقِ ناراً أحرقت
بشراً وحبُّ المصطفى بجنانهِ
 
خَيْرِ النَّبِيِّينَ الَّذِي نَطَقَتْ بِهِ
الْـ ـتوراة ُ والإنجيلُ قبلَ أوانهِ
 
كَهْفُ الْوَرَى غَيْثُ الصَّرِيخِ
مَعَاذُهُ وَكَفِيلُ نَجْدَتِهِ وَحِصْنُ أَمَانِهِ
 
الْمُنْطِقُ الصَّخْرَ الأَصَمَّ بِكَفِّهِ
والمخرسُ البلغاءَ في تبيانهِ
 
لطفُ الإلهِ وسرُّ حكمتهِ الذي
قد ضاقَ صدرُ الغيثِ عن كتمانهِ
 
قِرْنٌ بِهِ التَّوْحِيدُ أَصْبَحَ ضَاحِكاً
وَالشِّرْكُ مُنْتَحِباً عَلَى أَوْثَانِهِ
 
نَسَخَتْ شَرَائِعُ دِينِهِ الصُّحُفَ الأُلَى
فِي مُحْكَمِ الآيَاتِ مِنْ فُرْقَانِهِ
 
تمسي الصّوارمُ في النّجيعِ إذا
سطا وخدودها مخضوبة ٌ بدهانهِ
 
مَا زَالَ يَرْقُبُ شَخْصُهُ الآفَاقَ
فِي طرفٍ تحامى النومُ عن أجفانه
 
وجِلاً يظنُّ النومَ لمعَ سيوفهِ
ويرى نجومَ الليلِ من خرصانهِ
 
قلبُ الكميِّ إذا رآهُ وقد نضا
سَيْفاً كَقُرْطِ الْخَوْدِ في حُلْقَانِهِ
 
وَلَرُبَّ مُعْتَرَكٍ زَهَا رَوْضُ
الظُّبَى فِيهِ وَسُمْرُ الْقُضْبِ من قُضْبَانِهِ
 
خضبَ النَّجيعُ قتيرَ سردِ
حديدهِ فشقيقهُ يزهو على غدرانهِ
 
تبكي الجراحُ النجلُ فيهِ
والرّدى مُتَبَسِّمٌ وَالْبيضُ مِنْ أَسْنَانِهِ
 
فَتَكَتْ عَوَامِلُهُ وَهُنَّ ثَعَالِبٌ
بَجَوَارِحِ الآسَادِ مِنْ فُرْسَانِهِ
 
جِبْرِيلُ مِنْ أَعْوَانِهِ مِيَكالُ منْ
أخدانهِ عزريلُ من أعوانهِ
 
نُورٌ بَدَا فَأَبَانَ عَنْ فَلَقِ الْهُدَى
وجلا الضَّلالة َ في سنى برهانهِ
 
شَهِدَتْ حَوَامِيمُ الْكِتَابِ بِفَضْلِهِ
وكفى بهِ فخراً على أقرانهِ
 
سَلْ عَنْهُ يَاسِينَا وَطهَ وَالضُّحَى
إِنْ كُنْتَ لَمْ تَعْلَمْ حَقِيقَة َ شَانِهِ
 
وسلِ المشاعرَ والحطيمَ وزمزماً
عن فخرِ هاشمهِ وعن عِمرانهِ
 
يسمو الذّراعُ بأخمصيهِ ويهبطُ
الإكليلُ يستجدي على تيجانهِ
 
وَلو تَسْتَجِيرُ الشَّمْسُ فِيه مِنْ
الدُّجَى لغدا الدُّجى والفجرُ من أكفانهِ
 
أَوْشَاءَ مَنْعَ الْبَدْرِ فِي أَفْلاَكِهِ
عَنْ سَيْرِهِ لَمْ يَسْرِ في حُسْبَانِهِ
 
أو رامَ من أفقِ المجرة ِ
مسلكاً لَجَرَتْ بِحَلْبِتِه خُيُولُ رِهَانِهِ
 
لاَ تَنْفُذُ الأَقْدَارُ فِي الأَقْطَارِ
في شيءٍ بغيرِ الإذنِ من سلطانهِ
 
أَللهُ سَخَّرَهَا لَهُ فَجَمُوحُها سلسُ
القيادِ لديهِ طوعُ عنانهِ
 
فهو الَّذي لولاهُ نوحٌ ما نجا
في فلكهِ المشحونِ من طوفانهِ
 
كلّا ولا موسى الكليمُ سقى
الرَّدى فرعونهُ وسمى على هامانهِ
 
إن قيلَ عرشٌ هو حاملُ
ساقهِ أو قيلَ لوحٌ فهوَ في عنوانهِ
 
روحُ النعيمِ وروحُ طوباهُ
الّذي تجنى ثمارُ الجودِ من أفنانهِ
 
يَا سَيِّدَ الْكَوْنَيْنِ بَلْ يَا أَرْجَحَ
الثَّقَلـ ـيْنِ عِنْدَ اللهِ فِي أَوْزَانِهِ
 
والمخجلَ القمرَ المنيرَ بتمهِ
فِي حُسْنِهِ وَالْغَيْثَ مِنْ إِحْسَانِهِ
 
والفارسُ الشهمُ الّذي غبراتهُ
من ندّهِ والسمرُ من ريحانهِ
 
عُذْراً فَإِنَّ الْمَدْحَ فِيكَ مُقَصِّرٌ
وَالْعَبْدَ مُعْتَرِفٌ بِعَجْزِ لِسَانِهِ
 
ما قدرهُ ما شعرهُ بمديحِ من
يثني عليهِ اللهُ في قرآنهِ
 
لولاكَ ما قطعت بيَ العيسُ
الفلا وطويتُ فدفدهُ إلى غيطانهِ
 
أَمَّلْتُ فِيكَ وَزُرْتُ قَبْرَكَ
مَادِحاً لأَفُوزَ عِنْدَ اللهِ فِي رِضْوَانِهِ
 
عبدٌ أتاكَ يقودهُ حسنُ الرجا
حاشا نداكَ يعودُ في حرمانهِ
 
فاقبل إنابتهُ إليكَ فإنهُ بِكَ
يَسْتَقِيلُ اللهَ فِي عِصْيَانِهِ
فَاشْفَعْ لَهُ وَلآلِهِ يَوْمَ الجْزَا صَلَّى الإلهُ عَلَيكَ يَا مَولى الوَرىَ ما حنَّ مغتربٌ إلى أوطانهِ
 
ابن معصوم
ــ1119 هجري / 1642 ــ 1707ميلادي1052 1642 -
علي بن أحمد بن محمد معصوم الحسني الحسيني، المعروف بعلي خان بن ميرزا أحمد، الشهير بابن مَعْصُوم.
عالم بالأدب والشعر والتراجم شيرازي الأصل، ولد بمكة، وأقام مدة بالهند، وتوفي بشيراز، وفي شعره رقة.
من كتبه (سلافة العصر في محاسن أعيان العصر-ط)، و(الطراز- خ) في اللغة، على نسق القاموس، و(أنوار الربيع- ط)، و(الطراز- خ) شرح بديعية له، (وسلوة الغريب- خ) وصف به رحلته من مكة إلى حيدر آباد، و(الدرجات الرفيعة في طبقات الأمامية من الشيعة- خ، وله ديوان شعر- خ ).
 
إحدى قصائده:
 
أفي كلَّ يومٍ للأمانيَّ تَكذِيبُ
ولِلدَّهر تَصعيدٌ علينا وتَصْويبُ
 
إلامَ انقيادي للزَّمانِ تَروعُني
له كلَّ يوم مُزعجاتٌ أساليبُ
 
أفي الحقِّ أن أصدى وفي القلب
غُلَّة ٌ يَشبُّ لها بين الجَوانح اُلُهوبُ
 
ويُصبح مَن دُوني نَقيعاً أوامُهُ
يَسوغُ له عذبُ الموارد اُثعُوبُ
 
أروحُ وأغدو تَقتضِيني نَجاحَها
أمانيُّ نَفسٍ كلُّهنَّ أكاذيبُ
 
عتبتُ على دَهري وما الدهرُ مُعِتباً
ولكنَّ عجزاً انتظارٌ وتأنيبُ
 
وقد ساءني بين المهَانة والعُلى مقامي
على حال لها الجأشُ مرعوبُ
 
فأمَّا عُلاً لا يُلحَقُ الدَّهرَ شأوُها
وأمّضا خمولاً فهو في الحقِّ مَرغوبُ
 
طُبِعتُ عل ما لو تكلَّفُت غيرَه
غُلبتُ وقد قيل التكلُّفُ مَغلوبُ
 
أيوقفُني صرفُ الزَّمان ضَراعة ً
وما الخطوُ مقصورٌ ولا القيدُ مكروبُ
 
إذاً لا نَمتْ كفِّي إليَّ مهنَّدي
ولا قرَّبتْ بي المقرَباتُ اليَعابيبُ

ليست هناك تعليقات

يمكنك التعليق هنا

يتم التشغيل بواسطة Blogger.