مساحة اعلانية

مجلة الكترونية دولية مستقلة تعنى بشؤون الفكر والثقافة والأدب والفنون ..

الحفرة - د. م. أسامه مجدي الشوا

 


قال المهندس المكلوم:

"مازلت أقصّّ عليكم، وأنا في شوق إليكم، أخبار (أبو العريف)، الرجل الذي يتأرجح بين الظريف والحرِّيف، والعاقل والمجنون، فمن يقرؤون ليسوا كمن يكتبون، فالكاتب واحد والقراء كثيرون، والجماعة أفضل من فرد، ولو كان من ذهب مكنون، والحكمة ضالة المؤمن، ووسيلة الناصح المحسن، وقد تُضحك الحكمة أو تُبكي أو تُفرح أو تُحزن، وهكذا الحال مع أبو العريف، وأمثاله ممن بمزجون النصح بالتخويف، فلنستمع إلى ما تفوَّه به من الدُّرر، ولنملأ الأذهان بما فيه من الفِكَر، وقد ظفر من صبر، قال أبو العريف:

لقد جلست أفكر، واعصر مخي وأثرثر، وأكلم نفسي وأستفسر، هل هناك صدق أم لا؟ فإذن لماذا كل هذا البلا؟ والقصة تبدأ أني كنت راكباً سيارة، مع صديق يضع على جروحي مرهماً، فأنا ممن يمشي مرغماً، لضيق ذات السيارة، واقتصارها على البقاء لدى الورش ستة أيام في الأسبوع، ولا تخرج في اليوم السابع إلا لتعود كاليسروع (أنظر قاموس المحيط)، فالمشي على كلٍّ أفضل، كما يقول النطاسيُّون، وينصح الأطباء الفاضلون، فالكرش يذهب في داهية، ويذوب الشحم و(الكوسترول)، وتتعلم السباحة بملابسك في عرق الصحة والعافية. وعلى حين غِرَّة، (وبالمناسبة أنا ليس لدي غرَّة) قفزت السيارة وتمايلت، وهبطت ثم صعدت، وأصدرت أصواتاً تصم الآذان، وكأنها مجموعة من (حلل) طبيخ محشي الباذنجان، تناثرت على صفيح من سطح عمارة عمي أبو عدنان، وهي عمارة لها من الطوابق ثمان. أصبت وصديقي بالذعر، وتلونت وجوهنا فأضحت صُفر، رغم أننا لسنا من الصين، وانحبست دماؤنا في الشرايين، واعتقدنا أننا لا بد ميتين، فبسملنا وحوقلنا، ودارت أعيننا في المحاجر، وأطلقنا التشهد وقرأنا "التكاثر"، فلما هدأت الأمور، وبعد أن أطلقنا النذور، أخذنا بالتفكير: ماذا جرى لنا، وما سبب ما أصاب السيارة من التكسير؟ ونظرنا حولنا، وفوقنا وتحتنا، فلم نجد سيارة صدمتنا، ولا صخرة من جبل هوت، ولا عمارة (طاحت) فاستوت، فماذا كان ما جرى أو كان؟ وهل هي هزة أرضية أم تسونامي أم بركان، ولما لم نجد جواباً، نزلنا من السيارة بصعوبة، حيث أصبحت أبوابها بفعل الصدمة (مضبوبة) ومعطوبة، ونظرنا، فماذا رأينا، لقد كانت حفرة في الشارع مديدة، وتذكرنا ما قرأنا وسمعنا عن ردم خمسين ألفاً منها في الصحف المجيدة، بهمة البلدية العتيدة، فحوقلنا: شوفوا النصيب، الحفرة الوحيدة الباقية تعترض سيارتنا وكأننا فزنا باليانصيب، فلو كان لنا بخت، ولو تأجل مرورنا من هذا الشارع بعض الوقت، مثلا لبضع سنين، لكان تمّ ردمها بإذن الله آمين، وغفر لله (للمعَّارين).

قال المهندس المكلوم:

قل من المرات خمسين آمين: #@*&%#$@،

ولمن لا يعرف لغة الصين، انظر تفسيرها في معجم: "دعوات لمهندسي البلديات المخلصين".              

ليست هناك تعليقات

يمكنك التعليق هنا

يتم التشغيل بواسطة Blogger.