مساحة اعلانية

مجلة الكترونية دولية مستقلة تعنى بشؤون الفكر والثقافة والأدب والفنون ..

حضور المسرح في السرّد في رواية( ولِد.. ولم يُولْد ) للكاتب المصري محمد وجيه - غانم عمران المعموري/ العراق

 

 
اتجه الكثير من كًتّاب السرّد إلى خلق طرق جديدة في صياغة بُنية فنيّة سليمة للنّص الأدبي لكون الرواية تستطيع أن تستوعب شتى أنواع الفنون واستثمارها بشكل صحيح على أن لا يخرجها من تجنيس الرواية وعند الاطلاع على رواية الكاتب المصري محمد وجيه ( وُلِدَ..ولم يُولْد  ) الصادرة من دار ببلومانيا للنشر والتوزيع
تجد أن الكاتب قد وفق في أختيار عنْونة مغريّة ذات أبعادٍ فلسفيةٍ تُثير  لذة التتبع لدى القارئ وتفتح شهيّته واستدراجه إلى قراءة الرواية إلى نهايتها حيث أن العنْونة علامة سميائية تؤدي وظيفتها الجمالية والاغرائية والدلالية وتعد نقطة جوهرية في تمييز الكتاب عن غيره ..كما أن العنْونة جاءت منسجمة مع لوحة الغلاف التي تشير إلى شخص يصرخ وكأنه يتلاشى تدريجياً أو ينمو تدريجياً ومن خلال هذا التمويه استطاع الكاتب خلق رغبة لدى  القارئ  الغوص في بحر الأحداث..
استثمر الكاتب المشهدية في بناء الفنيّة  لروايته حيث أنه قسم روايته إلى ثلاثة فصول وكل فصل إلى مشاهد كما في مشاهد المسرحيات وبدأ من المشهد الأول  وكأن ستارة المسرح قد فتحت ليتفرج القارئ على مشهد مسرحية من خلال الحوارات بين الشخصيات التي جاءت متتابعة حيث بُنيَّ المشهد الأول بعنوان واحدة من المناطق العشوائية داخل إيواء بالحي ..أي أن الكاتب حدد مكان الحدث وحركة شخصياته خلال هذا المشهد ..فقد دار الحوار بين الشخصية الرئيسة صابر وآمنة وهند وولادة طفل ..حتى ينتهي المشهد ليبدأ مشهد جديد تحت عنوان جديد يُحدد فيه طبيعة المشهد أو حالة الشخصيات ومكان النقاشات بين الشخصيات..تتدرج المشاهد ليكشف لنا الكاتب عن ولادة الطفل ( عبد الله ) وتفاجأ الزوج صابر بهذا الاسم الذي كان لطفل سابق له قد فارق الحياة والصراع والخلافات  التي جرت حول تلك التسمية التي رفضها الزوج حتى وصل إلى المشهد ١٤ ..
استخدم الكاتب تقنية الراوي الخفي الذي يدير الأحداث من خلال الروا ة المشاركين  في أحداث الرواية وكأن الكاتب يقف خلف المسرح ويحرك شخصياته والأحداث دون أن يحس به الجمهور ..
تناول الكاتب عدة ثيمات منها تتعلق بالجنس والغربة وحالات الخيانة والعلاقات الاجتماعية وقد عالجها من خلال حوارات بين الشخصيات استطاع القارئ من خلالها كشف أسرار الشخصية وحالتها النفسية والاجتماعية وطرق تفكيرها وعمق الصراع المحتدم بينهم ..كما إن الحوارات تمنح القارئ راحة وقتيه لإكمال الأحداث حيث أن الحوارات تسهم في إبطاء حركة السرد وإيصال الفكرة بسهولة.
بين لنا الكاتب من خلال الظروف المعاشية التي تعيشها الشخصيات الرئيسة إلى فترة زمنية مرة على المصريين من سوء الأوضاع الاجتماعية وعسر الحال والغربة .. اعتمد الكاتب في السرّد على نمو الأحداث التدريجي حيث أنه تم تسليط الضوء على حياة اجتماعية عاشتها أسرة صابر من فترة  الزواج حتى ولادة  الطفل ( عبد الله ) وبدأ نمو الحدث تدريجي وأصبح شاباً ..
حتى ينهي لنا حكاية الولد الغائب الحاضر الذي عاش مرارة خيانة والدته بكلماتٍ موجعةٍ ( ... تراه العيون دائماً الشاب العجوز كأنه يحمل الجبال على عاتقه.. تراه ولا تراه .. تجده ولا تجده.. هو القاطن بعيدا بعالم الأحزان.. مكتوب على جبهته.. الحاضر الغائب لآخر الزمان.
لذا فإن الكاتب ينقل لنا قصة واقعية كثيرا ما تحدث في المجتمعات العربية وبأسلوب لغوي جميل بعيد عن الغموض والتعقيد.
 

هناك تعليق واحد:

  1. رائع الدكتور محمد وجيه مبدع دائما

    ردحذف

يمكنك التعليق هنا

يتم التشغيل بواسطة Blogger.