مساحة اعلانية

مجلة الكترونية دولية مستقلة تعنى بشؤون الفكر والثقافة والأدب والفنون ..

عتب على النّفس - الشاعر الراحل عبد الرزاق عبد الواحد

 



 

عتبٌ على النفس لا عتب على أحد

إني أنادي بلاد العرب يا بلدي !

أقول أهلي , وإن كانت خناجرهم

في أضلعي , وخطاياهم على ولدي

فكيف يفعل من ضاق السبيل به

وما له غير هذا الوهم من سند ؟!

بلى , تصبَّرت حتى جنَّ مصطبري

وقد تجلّدت حتى ضاق بي جلدي

وأنتم .. وعيون الله تحرسكم

لا فرحتي أورقت فيكم , ولا كمدي !

وكان لي كبدٌ يدمى لمحنتكم

دُرتُم عليه سكاكيناً .. فوا كبدي !

عتبٌ على النفس لا عتب على أحد

أني أراكم رفيق الروح في جسدي

وكلما قيل : قد يهوي العراق غداً

أقول حاشا .. فأهلي كُلهم مددي

فإن يكن زرد الأعداء أنفسهم

فإن أولاد عمي كلَّهم زردي

قد قلت هذا فهل أسرفت يا وطني ؟

إذن فواخيبتي فيكم , و وانكدي !

عتبٌ على النفس لا عتب على أحد

أني رهنت لديكم حاضري وغدي

قلت الأمينون أهلي الصّادقون همُ

والأوفياء .. ولا .. ما دار في خلدي

إني وكنت ألاقي الموت منفرداً

من أجلكم .. ألتقيكم عقرباً بيدي !

وعقرباً بثيابي .. ليت من ولدت

أبي وآباءكم للآن لم تلد !

لا بأس يبقى العراقيون , ما نزفوا

دماً وما حوصروا , خُلواً من العقد

لم يحقدوا .. وعلى من يحقدون , وهم

ماتوا يذودون عمَّن قط لم يذد

عذراً بني عمنا .. ما زلت من وجع

أخشى بخيمتكم حتى على وتدي

أنتم تظلون حتى في الندى بدداً

فيا لكم في الردى من أمة بدد !

والله الرجاء لديكم لانطفا حردي

وأين آخر الأغصان تكسره

أكفكم في ضلوع الناس وهو ندي !

كل الذي عاش أهلي يهتفون له

خمسين عاماً , دفناه إلى الأبد !

إذن ففيم جرينا العمر أجمعه

دماً ؟ .. وفيم اتَّقدنا شرَّ متَّقد ؟

وهل أقول لكم بوركت مسبغةً

يا غابة الصَّيد من عبدٍ ومن عبد ؟!

وهل أقول لكم كانت أوائلكم

على ضلال وأصبحتم على رشد ؟!

وهل أقول لكم طوبى لفعلتكم

وكل أفعالكم تدعو الى الحسد

أما العراق فانتم تسمعون به

هذا عراق الذُّرى من سالف الأمد

فهل رأيتم بزقوارته أوداً

إذا فسيفكم الموكول بالأّود

والله ينزع حتى طفلنا سبغا

ولا تلوح علينا قلة الجلد !

فنحن نعلم أن الريح ما عصفت

إن لم تمد روح أهل البيت لم يمد !

ولن نميد , ولا والله , راسخةٌ

من سومر روحٌ أهلينا , ومن أكد !

ولا , وكل جيوش الأرض دائرةٌ

من حولنا , ما شكونا قلة العدد

لم نقل لأعز الناس كنا مدداً

وأين يحظى قليل الأهل بالمدد ؟!

عذراً بني عمنا أني ضمدت بكم

جرحي , فللأن جرحي غيرُ منضمد

أدري بأني قد أسرفت في وجعي

حتى قسوت على أهلي , ولم أُرد

إني أحس العراق الآن ينظر لي

معاتباً .. ودم الأحرار منتقدي

لأنني في ذرى الأوجاع أجمعها

لم ألتفت قط أو أعتب على أحد

ولم أضع حول أهلي من دمي رصداً

لكن ضميري على أقواسهم رصدي !

أراقب النَّبل حولي من مساقطه

أحسُّ من أي قوسٍ غاص في جسدي !

والآن ها نحن , أنهار الدِّماء بنا

تجري على الأرض طوفاناً , ولم نبد

قاماتنا هذه .. هذي مروءتنا

تزهو .. ومهما يزيدوا حقدهم نزد

وليس يرهبنا , لكن يعذبنا

حصارهم .. وبلى , نزداد في العند

فنحن والحق , والأخلاق , أكرمها

وكل ما جيَّشوا في شرِّ مطَّرد

ونحن أبناء عمي الأقوياء يداً

رغم الحصار , ورغم العدِّ والعدد

ليست هناك تعليقات

يمكنك التعليق هنا

يتم التشغيل بواسطة Blogger.