مساحة اعلانية

مجلة الكترونية دولية مستقلة تعنى بشؤون الفكر والثقافة والأدب والفنون ..

مدرسة الطاهرة في الموصل - بهنام سليم حبابه

 


يشاهد المطالع إزاء هذه الكلمة صورة تذكارية للهيئة التعليمية في مدرسة الطاهرة للبنين بمدينة الموصل تعود الى سنة 1950 أي قبل نحو سبعين سنة.
إن هذه المدرسة مفتوحة منذ العام 1856 على اسم العذراء (الطاهرة) وذلك بمساعي القس يوسف داود زبوني بعد عودته من روما ليخدم في كنيسة الموصل، وقد فتح المدرسة أهليةً متواضعة في كنيسة الطاهرة القديمة المعروفة، لتعليم التلاميذ القراءة والكتابة وبعض دروس الديانة.
وقد تعاقب من بعده على التعليم في المدرسة أحد التلاميذ السابقين المدعو أستاذ يوسف من بيت عازر وبهنام فرجو الوكيل والقس أفرام نقاشة وغيرهم. وانتقلت تلك المدرسة إلى فناء (حوش) الكنيسة الجديدة (الطاهرة) المسمى (الحوش المربع). واستمرت كمدرسة أهلية سنين طويلة، تعلم فيها المئات من الأولاد القراءة والكتابة وبعض الدروس الأخرى، وفي مقدمتها دروس الديانة المسيحية.
وبعد قيام الدولة العراقية 1921 أصبحت مدرسة الطاهرة تابعة إلى مديرية المعارف، كمدرسة طائفية، وتعين لها معلمون يقبضون رواتبهم من الدولة. وكان معظم أولئك المعلمين من القسس اختارتهم مديرية المعارف للتعليم في مدارس الطائفة. كان منهم القسس: بولس قندلا، حنا حبي، عبد الأحد تبوني، جرجس قندلا، ميخائيل مراد وحنا رحماني. وسواهم من الطوائف الأخرى.
وقد داومت مدرسة الطاهرة بعض السنين في منطقة باب الطوب في البناية التي صارت بعدئذٍ مديرية الشرطة، وكان مدير المدرسة حينذاك القس حنا رحماني.
وفي السنوات (1938-1941) كنت أحد تلاميذ تلك المدرسة، وكان الدوام في حوش البيعة حيث تتوزع الصفوف هنا وهناك. ويشاهد المطالع مع هذه الأسطر شهادة الدراسة الابتدائية بعد الامتحان الوزاري لسنة 1941وقد حصلت في مادة اللغة العربية على درجة قدرها (96)، ولم يكن هناك امتحان بمادة اللغة الإنكليزية فقد كنا مناوئين للإنكليز على أيام حكم رشيد عالي الكيلاني.
أما رفاق المدرسة في تلك السنين فمعظمهم من أولاد المحلة وبعض التلاميذ الأرمن، إذ لم تكن لهم مدرسة خاصة بهم. وأتذكر من رفاقي الأرمن في مدرسة الطاهرة: طوروس بوغوص، نوبار ستراك، وانيس يرواند كيكيان، نوبار استرجيان (ابن الطبيب المشهور كريكور استرجيان) وغيرهم.
وكانت بنات الأرمن يداومن في مدرسة السريان للبنات منهن سيتا استرجيان، إذ لم يكن لهن مدرسة خاصة بهن كما ذكرت. وقد افتتحوا مدرستهم سنة 1950.
كما داوم بعض التلاميذ المسلمين في الطاهرة، أتذكر منهم: عبد العزيز عبدالقادر صالح وحازم حسن النجدي (وكانت أخته في مدرسة البنات) كما داوم فيما بعد بعض التلاميذ من أولاد الصابونجي منهم السيد وجيه الصابونجي واخوه إذ كان بيتهم قريباً من المدرسة.
ومن جملة الذين أنهوا الدراسة الابتدائية في الطاهرة، التلميذ عامر اسكندر وهو فيما بعد القس الشهيد بولس إسكندر(2006). ووجدت كذلك صحيفة في سجل القيد العام ورد فيها اسم سنحاريب بشير عيواز مع صورته، وهو فيما بعد البطريرك مار إغناطيوس زكا الأول عيواص. كما داوم فيها عزيز عبدالنور ابن أحد الوجهاء الأرثوذكس لقربها من دارهم.
وقد فكر مطران السريان بعد سنين وهو ( المطران جرجس دلال) سنة 1937 أن يشيّد مدرسة جديدة، فاشترى أرضاً واسعة قرب سوق الشعارين اسمها (أرض حمّام اليونس)، كان فيها تل من التراب من متروكات الحمام، فسعى برفعه بواسطة بلدية الموصل وأصبحت الأرض جاهزة لبناء المدرسة.
فقصد ذلك المطران البلاد الأمريكية لجمع المساعدات من أجل ذلك المشروع لكنه عاد بمبلغ ضئيل، وقد سعى بشراء الطابوق من بغداد لذلك البناء وبذلك استطاع بناء طابق أرضي.. وانتقلت مدرسة الطاهرة سنة 1942 إلى بناية المدرسة الجديدة، ثم أصبحت المدرسة من طابقين (وأتذكر على سبيل المثال أن المطران المذكور، رحمه الله، كا يشجعنا، نحن التلاميذ، بعد صلاة الرمش، على نقل الطابوق لإكمال البناء، فيحمل أمامنا طابوقتين أو ثلاثًا، وهو شيخ، وكنا نتبعه حاملين الطابوق ونحن ننشد بعض الأناشيد الدينية وهكذا نقلنا الطابوق برمته إلى سطح الطابق الأرضي ليكون جاهزاً للبناء).
وبعد تقاعد المدير المخضرم (جميل خياط) سنة 1954 جاء بعده خضوري فرجو وبهنام حنا مطلوب وسعدالله يعقوب فرجو ثم فائزة بطرس السبع (وذلك بعد أن أصبحت المدرسة مختلطة)، ثم بهنام فتوحي اكزير وغيرهم إلى أن أغلقت المدرسة أبوابها إثر أحداث داعش المجرم.
وهذه الصورة للهيئة التعليمية أيام المدير جميل خياط سنة 1951 يُشاهد فيها من يمين الناظر:
ألبير لويس معلم الإنكليزية، مدير المدرسة جميل خياط، وبجانبه المعلم شيت أيوب برجو ثم المعاون في الإدارة الأستاذ إسحق عيسكو القدير في مادته (اللغة العربية)، ثم المفتش خيرالدين عبد اللطيف ومدير المعارف إبراهيم حسيب المفتي، وبجانبه أستاذه للغة الفرنسية (أيام زمان) القس رحماني، ثم المعلم بطرس نعامه وبجانبه المعلمون: عبدالأحد عزيزة، سفر المختار، فرج عبو الجلو، فرج فرجو ( الأحمر) وناصر متيتي.
ويُشاهد أمامهم (من اليسار /الجالسون) المعلم قاسم حمودي الجراح وبشير يوسف رسام ولا أتذكر الآخرين.
كما يشاهد القارئ صورة قديمة لمدرسة الطاهرة يعود تاريخها إلى سنة 1927 حيث يبدو التلاميذ برماحهم التدريبية، (حيث كانت المدارس الابتدائية والمتوسطة تدرب تلاميذها بالرماح أما طلاب الإعدادية فيتدربون بالسلاح).
جدير بالذكر أن كثيرين قد ارتادوا في ثلاثينيات القرن المنصرم، روضة الماسير كرستين في مدرسة الطاهرة القديمة بالكنيسة القديمة، حيث سكنى الماسير وأمها مروشة، وهي شبه أمية ولكنها كانت تعلمنا بعض الصلوات والأناشيد، وكان معها في بعض السنين المعلمة خيرية سليم ساعور وفلم جرجس توشي، بأجور شهرية مقدارها (50 فلساً = درهما واحداً).
 

ليست هناك تعليقات

يمكنك التعليق هنا

يتم التشغيل بواسطة Blogger.