مساحة اعلانية

مجلة الكترونية دولية مستقلة تعنى بشؤون الفكر والثقافة والأدب والفنون ..

الجهل يغنّي في يوم العلم.. حسين عبروس

 


يطلّ علينا يوم العلم في 16 أفريل من كلّ عام لا ليذكرنا بأهميّة العلم،وإنّما ليحيلنا على تاريخ رجل عرف كيف يسطّر حياته في طلب العلم والمعرفة ،وهو الشيخ عبد الحميد بن باديس (1307-1358 هجرية) الموافق (4 ديسمبر 1889 - 16 أبريل 1940)، من رجال الإصلاح في الوطن العربي ورائد النهضة الإسلامية في الجزائر، ومؤسس نهضتها التربوية والدينية،ولكن للأسف توقفت مع وفاته كلّ تلك الحركة العلمية والثقاقية والتربوية الجادة،ومن هذا المنطلق يمكننا القول: جميل أن ترافع شعوب العالم في كلّ الأزمنة باسم العلم ، وتقيم للعلم وللعلماء منابرافي القلوب وفي الحياة، وتصنع لهم تماثيلا من حجر،ومن برونز،ومن فضة ،ومن ذهب ومن ماس،كل عالم حسب جهده العلمي المحليّ والوطني والعالمي،لكن للأسف أنّ الذين يقيمون تلك المهرجانات لا يلتفتون إلى حقيقة معنى العلم الذي يصنع الأجيال ويصنع رحلة العلم للنساء والرجال،علم يخرج الأمم من جاهليتها الأولي،ومن بدائيتها المتخلّفة،تلك البدائية التي ما تزال
الأنظمةالسياسية،والحكومات تتخذها قاعدة قانونية لتنويم الشعوب والأجيال، وعندنا نحن أمة (إقرأ) لا نقرأ إلا ما يبرمج لنا من الأمم القوّية، نحتفل بيوم العلم كاحتفالنا ببيع الخضروات والمواشي في الأسواق،لنهرّج كثيرا، ونعرض الكتاب كسلعة للناظرين،وننتقي من الكلمات كما يجب انتقاؤها كي نقدمها أمام الحضور أو المتابعين عبر الشاشات والفضائيات ، كما ننتقي من الأشخاص الذين يتمّ تكرّمهم على أساس وفائهم لإستمرار البرامج التجهيلية، أو اختيارهم على أساس الجهة والقبيلة ، والعرش والمنطقة كي يحدث ذلك التوازن العجيب، كما هو الحال عندنا في الجزائر وفي الوطن العربي لايختلف كثيرا.مادام للعلم يوم واحد ، و الجهل  يغنّي في يوم العلم على مدى  أيام السنة ،وفي عيد العلم ننسى العلماء والمفكرين ، والمبدعين والمبتكرين، ونظن أن القدر العلمي في أوطاننا هو ذلك العدد الهائل ممن يقصدون المدارس، والمؤسسات التربوية والمعاهد، والجامعات ، ولا ندرك تلك الحقيقة المرّة التي تلاحق الأجيال، في تحصيلهم العلمي والمعرفي والإبداع،وهي حقيقة نقص مخططات التكوين،والبرامج التعليمية الهادفة التي تصنع الخطة الكبرى للوصول إلى قمّة العلم والمرفة من أجل التطويرومن أجل بناء الأوطان.ولكن للأسف ما يزال الإحتفاء بيوم العلم عندنامسرحية هزلية تعرض فيها الأغاني والأناشيد، وتقدم فيه أطباق الحلويات ،ونبرمج فيه ما نشاء من الأشياء التي تدعم جهلنا،وتوجع قلوب أهل العلم أحياءمنهم والأموات،وفي يوم العلم نقنع الأجيال بتاريخ وفاة علمائنا،ولانصارحهم بحقيقة ميلادهم،وبتاريخ معاناتهم في طلب العلم،وبتهميشهم المبرمج من قبل االجهات الوصية،في يوم العلم نجد الغالبية العظمى من أبناء الأمة لاتلتفت الى هذه المناسبة الخالدة،رغم أنها مهمة وجديرة بالتحدّث عنها كي نسدّ مساحات الفراغ بين العالم والمتعلم ولكن للأسف تساهم الكثير من وسائل الإعلام المكتوبة ،والمسموعة والمرئية في تغطية جهلنا،كما تساهم في الإشادة بعلماء الغرب هنا وهناء ، وكأننا أمة وجدت لتحيا مواتها في زمن التطوّر والبحث العلمي السريع لنا يوم واحد للبهرجة والسخرية من المتعلم ،ومن العالم،ومن المبدع .لنا يوم واحد فموتوا أيها الكرام بجهل الجهلة على حدّ قول:شاعر العربيّة الكبيرأبوالطيب المتنبي..
- ذو العقل يشقى في النعيم بعقله // وأخو الجهالة في الشقاوة ينعم
فلكم أحبة العلم والمعرفة والفكروالإبداع في كلّ الأزمنة وفي كلّ الأمكنة في هذا الوطن الكبيرالذي ينوء بأثقال التخلّف الذي تصنعه قوافل الجهلة،وتطمس فيه أسماء ومعالم العظماء من النساء والرجال..ولكم أنتم أحبتي الصغارالباحثين عن دفء المعاني الرائعة في مجال العلوم والمعرف والإبداع أجمل التحايا وأطيب السلام.

ليست هناك تعليقات

يمكنك التعليق هنا

يتم التشغيل بواسطة Blogger.