مساحة اعلانية

مجلة الكترونية دولية مستقلة تعنى بشؤون الفكر والثقافة والأدب والفنون ..

العقل العربي تحت المجهر- عبداللطيف الزبيدي

 

هل من العقل والعقلانيّة أن نضع العقل العربي، إن صح التعبير، في الميزان؟ منذ عقود، كان القلم، يتابع بشغف كتابات المفكّريْن العربييْن الكبيرين محمد أركون ومحمد عابد الجابري، اللذين تتردد لديهما كثيراً عبارات العقل العربي، نقد العقل العربي، تكوين العقل العربي، وليسا الوحيديْن في ذلك، وكان القلم حين يصاب بالإحباط، يسرّي عن النفس بترديد: «لا تَزِر وازرةٌ وِزْر أخرى».
لكن المسألة ليست بهذه البساطة. بمرور الزمن ازدادت تلك العبارات رسوخاً في الذهن، وإثارةً للبلابل والقلاقل في الخاطر: ألا يبدو أنّ للعرب، على اختلاف بلدانهم وأقاليمهم، سلوكياتٍ مادّيةً وذهنيّةً، متشابهاتٍ ومشتبهاتٍ، وكأنها صادرة عن عواملَ جينيّةٍ ودوافعَ وراثيةٍ متماثلةٍ متشابكة؟ من تُرى يجرؤ على نفي أن العرب اتفقوا على ألاّ يتفقوا؟ من تُرى يصدّق أن المثل افتراءٌ عارٍ عن الصحّة؟ لا يستطيع عاقلٌ غيرُ جاهلٍ ادّعاءَ أن العلّة كامنةٌ في ناقلات بيولوجية في الحمض النووي. محاولة الاستدلال العلمي جنون لا سذاجة. لكن، كيف يمكن تفسير أن جلّ البلاد العربية فاقدة الإرادة التنموية الشاملة؟ أغلبيتها بينها وبين عالم البحث العلمي والعلوم والتقانة هوّة عميقة بل هاوية سحيقة. أكثريتها هشّة البنية مخلخلةُ الدعائم، تكفي أكذوبة أو ألعوبة لتتداعى: كان صرحاً من هباء فهوى.
من غرائب العقل العربي عدم التعلّم من التجارب. هذا ما جعل بلداناً عربيةً عدّة تقع في الفخاخ نفسها على طريقة تداعي أحجار الدومينو مع تناقض عجيب هو أن الوقوع في الفخ يتكرر مراراً من دون حدوث الوعي واليقظة، في حين أن التجارب الناجحة كأنما ينزل عليها ستار فلا يراها الأقربون ويحذون حذوها اقتداءً واقتفاء. يبقى الأمل في انفراج كربة عدم التعلم من التجارب، معقوداً في ناصية الذكاء الاصطناعي، لعل الدماغ البيولوجي يتتلمذ على الآلة الذكية، فيصيبه وابلٌ أو حتى طلٌّ من الخوارزميات ببركة التعلم العميق، أو تهبّ همّة المخ البشري غبطةً لقدرة الجماد على التعلّم، وقد تتفتّق عبقرية كتل الجماجم عن الغوص في أعماق التعلم العميق لصيد لآلئ تطوير المناهج العربية. الحلّ الآخر يمكن انتظاره من شعور العرب بالملل في تناول أطباق برامج التربية والتعليم التي أخنى عليها الذي أخنى على المناهج المحنّطة. ما تقول في العقل العربي في العالم العربي، الذي ظل طوال التاريخ المعاصر مُصرّاً على أنه وجد آباءه على مناهج، فهو على نهجها سائر؟
لزوم ما يلزم: النتيجة الومضيّة: العصا السحرية لدى الذكاء الاصطناعي. الدول المتعثرة تنمويّاً، عليها الاقتداء ببعض الشركات التي يتولّى فيها الروبوت منصب مدير عام. وقل اعملوا.
 

ليست هناك تعليقات

يمكنك التعليق هنا

يتم التشغيل بواسطة Blogger.