مساحة اعلانية

مجلة الكترونية دولية مستقلة تعنى بشؤون الفكر والثقافة والأدب والفنون ..

أمجد توفيق.. ساحر السرد..في رواية ( زمن الأرجوان) - عبد العظيم محمد

 

 
الروائي والقاص المبدع أمجد توفيق قامة كبيرة استطاع ان يشكل الأستثناء في مسيرته الأبداعية الطويلة التي ابهرتنا لعمق الوعي في اختياراته المتفردة والمختلفة في السرد .. حتى شخصياته التي يكتب عنها هي الأخرى لها نكهة نعشقها كما يعشقها هو في حبكته الدرامية المتقنة في التوظيف والأسلوب .. يكتب لوجدان شعبه وهذه هي ميزته الكبيرة .. عرفته عن قرب ذلك السارد الذي لا يشغله سوى وطنه يتحسس لوجعه وعمق المه والرافض لكل انواع الأضطهاد والقهر .. انه الكشاف الحقيقي لقضيته الوطنية ، وهكذا هي شخصياته في اغلب نتاجاته الأدبية التي يلتصق بها ( حبا ) ليجعلها الناطق او الحكواتي لما يريد ان يصل اليه في جميع اشتغالاته الواعية ..
واقف هنا قليلا لأقول :
عند تناول اي منجز ابداعي للروائي امجد توفيق تجده ذلك السارد المتمكن من ( الفن السردي ) والسيطرة على ادواته بشكل مبهر والذي جعله المتميز باستمرار .. والسبب الرئيس هو اجادته الواعية لأسرار اللعبة السردية وبالذات عندما يضغط على انفاسك بقوة العارف المحترف لتعيش اجواء ساحرة وانت تتجول في حديقة معرفية اغصان اشجارها مفعمة بالجمال والتفرد وبلغة رصينة .. انه الساخر الفذ في السرد وهذا ما تجده في جميع اعماله المبهجة منها والسوداوية وان الدخول الى عالمه السردي تجده ذلك المحترف فهو يرسم لك الأحداث بريشة الفنان الذي يجيد توزيع الألوان بحرفية وفق ما تمليه الأحداث بحبكة درامية عالية المستوى ليترك لك فك رموز اشتغالاته ..
واقف ايضا لأذكر .. كثيرة هي النتاجات الأدبية التي تناولت محنة وطن وقضية شعب ودولة .. ولكن المبدع توفيق يعلن لنا كيف عاشت البلاد ( عصفا ) من الأشكاليات لواقع مرير كما جاءت به روايته الجديدة ( زمن الأرجوان ) التي تفتح لنا نوافذ عديدة ومشاهد تتسابق فيها الأحداث لسنوات التي  تلت عام 2003 باسلوب واقعي ابتعد بشكل كامل عن السرد الاسطوري او الخيالي .. اذ ان الكاتب في روايته كشف لنا العالم المغيب لابعاد ثورة تشرين ثورة الشباب الثائر الذي لم يعد يتحمل الظلم فقرر المواجهة مهما كلفه الأمر وكيف تم اطفاء شمعتها والقضاء عليها بعد ان واجه الشباب العراقي في ساحة التحرير الكثير من التحديات وهو يقاوم بشجاعة قل نظيرها في زمن انفرط فيه كل شيء لا استقرار لا امن لا عمل والكرامة في خبر كان فقط التسلط والحرمان لحقوق مشروعة هي الصورة السائدة مع الأسف .. ان المبدع امجد المختلف في سردياته التي امتازت بالواقعية السردية عكس لنا في ( زمن الأرجوان ) حجم الخيبة والمأساة لشعب واجهة الظلم والقهر والجور .. انها رحلة كاتب كشف حقيقة قضيته الوطنية كما هي شخصياته الملتصق بها ليجعلها الناطق او الحكواتي لما يريد ان يصل اليه ... واذا اردنا ان نفكك الظاهر والباطن في روايته سنجد ان حياة البطل ( مسعود الأرجوان ) اذ ان مسعود غالب عبد الله الأرجوان الذي يعمل في مصبغة مع والده وجده الذي ضغط عليه الفقر الأمر الذي لم يستطع تبديل ملابسه التي تحولت الى لوحة سريالية الالوان فيها متشابكة الأحمر منها كان الأبرز حتى لقب بسخرية ( بالارجوان ) ومع كل ذلك لم تشغله ملابسه ولا لقبه اذ يقدم نفسه للأخرين عبد الله الأرجوان .. تمكن الأرجوان من الألتحاق بمعارضة عراقية في لندن واثناء تواجده مع المعارضة تعرف على فتاة مغتربة وبعد علاقة جميلة ادت الى الزواج ومن ثم انجبت زوجته ابنا اسماه عبد الله وقد عرف كيف يوثق علاقته بالمعارضة التي سهلت له حياته ليصبح النشاط الدعائي احد اهتماماته المحببة .. وبعد احداث 2003 وجد الأرجوان نفسه في مقدمة القادمين ليتحول بعد سنوات وبقدرة قادر الى شخصية مهمة لها تأثيرها الواضح والمميز من خلال علاقاته المشبوهة الواسعة الأمر الذي حصل على دعم كبير مكنه من تأسيس قناة فضائية وصحف اضافة الى قياده لحزب سياسي .. ان البطل ( الأرجوان ) الذي ارتكزت عليه الرواية في البناء بعد ان امتلك النفوذ كان جل طموحه تجميل صورته الامر الذي دعاه ان يطلب من الصحفي ادم الفراتي كتابة مذكراته بعد ان كشف الأرجوان ان ادم شخصية اعلامية تمتلك الحضور والأمكانية في التناول والطرح والذي يميزه عن اقرانه وهو الرافض للأنتماء الى اي تنظيم او تشكيل سياسي ضل ادم صامدا رغم الأغراءات والمحاولات الكثيرة التي باءت بالفشل حتى الدعوة التي وجهت له للقاء الأرجوان ( الزعيم السياسي ) ادرك ابعاده وهو في داخله رافضا ان يكون بوقا وكما يقول ( انني لست غبيا الى درجة التغاضي عن فشله واقرانه في تحقيق الحد الأدنى من اداء يتصف بالوطنية وهو متهم بعمليات فساد لا حصر لها ) .. حاول الزعيم السياسي بكل الطرق توثيق علاقته ب ادم اذ تمت دعوته لحضور خطوبة ابنه بابنة المستثمر مالك الساري كان ادم يرصد بعد تلبيته الدعوة مجبرا كل صغيرة وكبيرة في المشهد ( حفل الخطوبة ) الذي فاق الخيال في البذخ والحضور الواسع لشخصيات مهمة جميعها عليها علامات استفهام كبيرة وبعد السماح لادم لقاء الزعيم السياسي الذي اخذ يشيد بامكانيته الصحفية طالبا منه الموافقة على كتابة مذكراته مقابل اغراءات كبيرة لا يحلم بها وهنا ادرك ادم ان الطريق امامه ملغوما لا محال وقداستغرب من تصرفات الزعيم واهتمامه غير العادي الامر الذي جعله يسأل نفسه ( ما الذي يعرفه الأرجوان عني ولا اعرفه عن نفسي ؟ ) ولم يتخلص من الملاحقه المستمرة من الزعيم وازلامه حتى بعد عودته من بيروت التي كان يتصور تبعده عن هذا الكابوس الذي اخذ يضغط كثيرا على انفاسه ولكن موقفه الوطني الشجاع الرافض ظل قائما  اذ لا يستطيع تجميل صورة الروؤس الدموية مثل الأرجوان الشخصية الملوثة التي عملت على تدمير ثورة الشباب والمتسلطة على رقاب الشعب والسارقة لقوته .. لقد اراد المبدع امجد توفيق ان يوثق حكاية مكتملة الأركان ل ( زمن الأرجوان ) وهو يحدثنا عن مرحلة في غاية الحرج والصعوبة التي واجهت البلاد وتلك العواصف التي شهدتها وما نتج عنها من كوارث راح ضحيتها العديد من الأبرياء وفي مقدمتهم الثائر سيف المتمسك بقضيته ورفاق دربه وكان كلبه رفيقه الاول الذي حاول انقاذه ولكن مات هو الاخر وهذه رمزية جديدة اراد من خلالها الكاتب ان يؤكد الصلة الوثيقة ووفاء الكلب الذي فاق الأشخاص والذي كان يشكل لسيف بيته الذي يناضل من اجله ليكون هو ضحية اخرى وهذا ما اكده الشاعر حيدر الى الصحفي ادم قبل ان تتم تصفيته وبهذا فأن المؤلف يشير الى ان الوطن يبقى حيا بقوة ابنائه ولا يموت الا بموتهم وتستمر الاحداث وتتسابق رسائل المؤلف لتعلن الرفض المشبع بالالم لما حدث ويحدث لتنتهي بسقوط المتسلط ( الأرجوان ) في الفخ واعتقاله مع شلته والتي كانت مادة اعلامية عاجلة تتصدر القنوات الفضائية والصحف .. واخيرا نقول ان ( زمن الأرجوان ) كشفت لنا عن مرحلة شائكة من تأريخ العراق وما رافقها من تدمير وانتهاك للحقوق .. انه توثيق سردي عالي المستوى جعلنا نعيش الأحداث برغبة شديدة تحسسنا فيها الوجع والألم والتسلط على حساب شعب يتطلع الى حقوقه المسلوبة .. شكرا للكبير المبدع الروائي امجد توفيق وهو يحفز الذاكرة لزمن يجب ان لا ينسى الوجع والتسلط والظلم وعليه ان يتطلع الى الحرية وان كانت غائبة .
وفي النهاية رواية ( زمن الأرجوان ) التي تقع في 194 صفحة من الحجم المتوسط صدرت عن منشورات الأتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق .. شكرا للكبير امجد توفيق الذي امتعنا رغم حجم الجرح والألم .. وتحية للناشر بيت فرسان الأدب .
( زمن الأرجوان ) كشفت لنا عن مرحلة شائكة من تأريخ العراق وما رافقها من تدمير وانتهاك للحقوق .. انه توثيق سردي عالي المستوى جعلنا نعيش الأحداث برغبة شديدة تحسسنا فيها الوجع والألم والتسلط على حساب شعب يتطلع الى حقوقه المسلوبة .. شكرا للكبير المبدع الروائي امجد توفيق وهو يحفز الذاكرة لزمن يجب ان لا ينسى الوجع والتسلط والظلم وعليه ان يتطلع الى الحرية وان كانت غائبة .
وفي النهاية رواية ( زمن الأرجوان ) التي تقع في 194 صفحة من الحجم المتوسط صدرت عن منشورات الأتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق .. شكرا للكبير امجد توفيق الذي امتعنا رغم حجم الجرح والألم .. وتحية للناشر بيت فرسان الأدب.
 

ليست هناك تعليقات

يمكنك التعليق هنا

يتم التشغيل بواسطة Blogger.