مساحة اعلانية

مجلة الكترونية دولية مستقلة تعنى بشؤون الفكر والثقافة والأدب والفنون ..

قصيدتي الحبيبة - عزالدين مبارك

 


        

أفيق كل يوم باكرا
مع أول ضوء للصباح
فأنا لا أحب العتمة
ولا أنام إلا متأخرا
ومضطرا على فعل ذلك
وكثيرا ما أنام جالسا
أو واقفا أو حتى ماشيا
ولولا حبيبتي القصيدة
لما فكرت في الذهاب لفراشي
فلا تأتيني إلا مبحرا في أحلامي
أشتهيها وتشتهيني
تضمني وأضمها
وأخاف أن يقع عليها جسدي
فتتألم أو تموت قبل ولادتها
ولذلك أفيق في الليل مذعورا
أتمتم بكلمات مبهمة كالمجنون
حتى شكت زوجتي أن لي حبيبة أخرى
أو لي زوجة من الجن
ألامس جسد القصيدة بكل تضاريسه
فألقاه طريا وناعما بين يدي
كصلصال بين أصابع طفل بريء
فأتابع حروف ضلوعها
من الرأس حتى قدميها
وأربت عليها بحنو حتى تنام
وأحيانا أدغدغها فتضحك لي
وأنا أنتظر ضوء الصباح الباكر
بفارغ الصبر
فأفيق مذعورا مندفعا
للحاسوب الذي لم ينم بعد
فأضعها على سرير الصفحة البيضاء
جسدا مكتمل البهاء
فتخرج من سريري ومن أحلامي
طفلة  حسناء
أودعها كمثل أخواتها
بقبل دافئة
وأتركها هائمة بين الأوراق والرفوف
وهي وحظها
وأحيانا أفتقدها فأحن إليها
أليست قطعة من كبدي؟
فأبحث عنها بلهفة بين الكتب
أبقى أتأملها وهي مبتسمة
وكأنها تعاتبني على غيبتي الطويلة
فأبكي حزنا من الوجع
فأضعها أمامي في مكتبي
لأراها كل يوم
وقد أصبحت أعز صديقة
تؤنسني في وحدتي
فأنا كبرت وأصبحت شيخا هرما
وهي لم تكبر وظلت على حالها
جميلة كورد الربيع
صافية كزرقة السماء
دافئة كحضن أمي.
 

هناك تعليق واحد:

  1. قصيدة رائعة ومن نوع خاص وجديد تقطع مع السائد.

    ردحذف

يمكنك التعليق هنا

يتم التشغيل بواسطة Blogger.