مساحة اعلانية

مجلة الكترونية دولية مستقلة تعنى بشؤون الفكر والثقافة والأدب والفنون ..

زوجة الشيطان - بقلم : أمين الساطي

 


   تكره زوجها لدرجة كبيرة ، ويتصاعد حقدها ، مع كل ليلة تمضيها معه بالفراش في غرفة النوم ، فرائحته العفنة تزكم أنفها ، وتشعرها بالرغبة في التقيؤ ، ما يدفعها دائماً للتفكير بالزواج من رجل آخر . فهو أكبر منها بخمسة وعشرين عاماً ، لقد تزوجته رغماً عنها وبضغط من أخيها الكبير ، الذي كان يعمل عنده في مصنع البسكويت . كان همُّ أخيها من وراء هذه الزيجة تحسين أوضاع عائلتهم . في البداية لم تقاوم كثيراً هذه الزيجة طمعاً في ثروة عريسها . وأوهمها أخوها ، بأن زوجها يعاني ارتفاعاً مزمناً في ضغط الدم ، ولن يعيش طويلاً ، حتى تنعم بتقاسم ثروته مع ابنته دلال من زيجته الأولى .
 
  الآن قد مضى على زواجها أكثر من خمس عشرة سنة ، وزوجها المريض ، مازال رابصاً على قلبها . بمرور كل ليلة يزداد إيمانها ، بأن هذا المشؤوم سيعيش ليدفنها . أيامها تمضي بسرعة ، وجمالها التي طالما تباهت به بين قريناتها آخذٌ في الذوبان . الوقت يداهمها ، عليها أن تفكر بسرعة لكي تتخلص منه ، وبعد أن ترثه ، فهناك ألف شاب يتمنون الزواج منها .
 
 أخبرتها إحدى صديقاتها ، بأن هناك لعبة اسمها المرآة ، ويمكنها أن تلعبها لتصبح خليلةً للشيطان ، وبعدها فإنه سيساعدها للتخلص من زوجها الاختيار . وهذه الطقوس لا يمكن أن تتحقق إلا مرة واحدة كل عشر سنوات . حيث يجب أن يكون الرقم النهائي للسنة هو ستة ، وأن يكون في السادس من يونيو ، لأن الرقم ستة هو رقم الشيطان .
 
  ما زال هناك حوالي شهرين حتى يحين موعد ستة يونيو ، وأخذت تترقب الأيام وهي تمضي ببطء ، وهي تفكر باسم الرجل الذي عليها أن تنسج شباكها حوله ليتزوجها ، ولهف قلبها إلى سائق السيارة الخاص الذي يعمل عند بنت زوجها . إنه شاب وسيم وفقير، وأصغر منها بحوالي عشر سنوات ، ولا شك بأنه سيتمنى لو أنها تتزوجه ، عليها الآن  أن تسيطر على أعصابها ، ولا تتسرع في خطواتها ، لكيلا تلفت نظر عائلة زوجها إليها .
 
 في تلك الليلة المرتقبة ، ذهبت إلى غرفتها ، وأطفأت الأنوار وأقفلت بابها ، وأشعلت ست شمعات على طاولة صغيرة في ركن الغرفة ، لتجذب انتباه الشيطان . خلعت ملابسها ، وجلست عارية أمام المرآة ، تتأمل تضاريس جمال جسدها المتناسق ، وتتحسر على الأيام التي أضاعتها مع زوجها. ثم أغمضت عينيها ، وبدأت تتحدث إلى الشيطان ، لكي يظهر أمامها ، لتعقد معه صفقة ، تمكنها من التخلص من زوجها . 
 
    أخذت تنتظر ظهور الشيطان لتساومه على نفسها ، لكن شيئاً من هذا لم يحدث . وبعد ساعة من الانتظار ، خطر لها أن هذه هي مجرد لعبة ، ولا وجود للشيطان فيها ، وفكرت بأن تطفئ الشمعات ، وأن تنهي هذه الجلسة ، في تلك اللحظة ، أحست برياح صامتة باردة برودة الموت ، تتسرب من خلال باب البلكونة لتلفح وجهها ، ثم شعرت برعشة قوية في أطراف أصابع قدمها اليسرى ، فتصورت بأن الشيطان دخل منها إلى جسدها ، فأحست بصداع قوي ، وشعرت بضيق شديد في تنفسها وانقباض في معدتها ، فأدركت بفطرتها بأن الشيطان قد خدعها واستحوذ عليها ، من دون أن يعطيها أي فرصة لمناقشة صفقة زوجها ، نظرت حولها فشاهدت بشكل مفاجئ ثعباناً أسود لامعاً ، يزحف باتجاهها على أرضية الغرفة ، مقترباً بسرعة منها ، ثم شعرت بحراشفه  وهو يزحف على بشرتها صاعداً فوق صدرها ليلتف على رقبتها، فادركت بأن الشيطان قد تمكن منها ، فخرجت عيناها لمؤخرة رأسها ، وسمعت أصوات بكاء مرعبة ، تنبعث من وراء باب الغرفة ، فانتابتها نوبة من الهستيريا ، ولم تعد في هذه اللحظة قادرةً على التمييز بين مشاعر الضغينة التي تكنّها لزوجها ورعبها الشديد واحتقارها لنفسها ، فاندفعت بلا إرادة منها نحو بلكونة غرفتها ، تقودها رغبة الانتقام ، وتجذبها قوة خفية لا يمكنها تفسيرها ، لتجد نفسها تطير في الهواء ، ساقطةً من الطابق السادس إلى الأسفل ، باتجاه سطح الطريق .

ليست هناك تعليقات

يمكنك التعليق هنا

يتم التشغيل بواسطة Blogger.